ساعة الامتحان
ساعة الامتحان

خاص - Saturday, September 12, 2020 9:24:00 AM

الاعلاميّ د. كريستيان أوسّي

 

لم تكن المُهَل أبداً "فرصة متاحة" للأمم التي يتهدّدها ملاك الموت، ويقرع الجوعُ أبواب أبنائها... هذا لمن تبقّى لديه باب بعد الحادثة المروّعة التي عصفت ببيروت وأهلها في 4 آب الماضي.

حتى مهلةُ الخمسة عشر يوماً الفرنسية التي أعطيت للمعنيين لتشكيل الحكومة، حتى هذه صارت ترفاً لا يبحث عنه اللبنانيون، فنحن على صراع مع الثواني لإنقاذ ما يمكن انقاذه، والمعنيون عندنا يعتبرون أنّ الحكومة متى شُكِّلت في هذه الفترة المحددة دولياً، فإنّ في ذلك بطولة، متناسين ان الشرط المُعطى لهم رُبطَ بتهديدات وعقوبات يمكن ان تطاول الأصول والموجودات والمقتنيات هنا وفي سائر أنحاء الارض.

مهلة الاسبوعين هذه ما كان يفترض ان يتمّ السير بها، بل كان من الأجدى ان يثبت المعنيون انهم قادرون على الاختصار لمصلحة شعب وبقاء أمة، وأنهم بالفعل، لا بالكلام، على أتمّ الاستعداد لتجاوز مصالحهم وارتباطاتهم وسياساتهم وتحالفاتهم، وصولاً الى صيغة حكومية تتجاوز ذاتياتهم، وذلك في عضون 48 ساعة لا أكثر.

بالقياس إلى ما كان يستغرقه تشكيل الحكومات في لبنان سابقاً، تُعَدُ فترةُ الخمسة عشر يوماً قصيرة ومقبولة. الا أنّه، ونظراً الى الحال الصعبة والقاسية والمصيرية التي يجتازها الوطن وبنوه، فإنّ هذه الفترة تُعد طويلة وثقيلة وقاسية، فالناس تريد حلاً او ربما ملامحَ إنقاذ لمشاكلهم المالية والاقتصادية، وقد خسروا مدخّرات العمر، وفقدوا قيمة عملتهم الشرائية، وافتقدوا كامل رواتبهم، لا بل خسروا أحبةً وابناء، ومنازل وأملاك، وصارت الغالبية منهم تفتش عن وطن آخر يأويها ويسمح لها بإستئناف العيش من جديد بعدما فقدوا الأمل حيث هم.

هذه ما كان يرتجيه اللبنانيون، وهم تمنّوا لو انّ المعنيين فاجأوهم بحكومة سريعاً بعد انفجار المرفأ، مثبتين للقاصي والداني أنّ السياسات الضيقة والحزبية والمصالح الفئوية والذاتية لا يمكن ان تكون عائقاً دون إقدامهم على رصف طريق الانقاذ المطلوب. الا أنّ البعض لا يزال، للأسف، مشدوداً الى الأحقاد والى رواسب الماضي المتحكّم بمشاعرهم وأفكارهم...

... والا، لماذا استنفاذ كامل الفترة المعطاة فرنسياً والمسموح بها دولياً قبل الاعلان عن التشكيلة الحكومية المرتجاة، ولماذا تأخّر اطلاق موعد الاستشارات النيابية الملزمة الى قبل وصول الرئيس ايمانويل ماكرون بساعات؟

في المحصلة، هذا كلّه إنْ دلّ فعلى انّ الساسة عندنا "مؤطرين" في الصورة التي وسموها لأنفسهم، وأن الشعب صار مقتنعاً بأن طبقة مماثلة لا يمكن ان تجترح العجائب أو تبتدع الحلول، لا بل هي تعيق الحلول، بدليل ما شهده مِلَفُ التدقيق الجنائي المطروح للمصرف المركزي أو عدم المسارعة الى إقرار القوانين المطلوبة إصلاحياً في مجلس النواب...

أما إذا اراد هؤلاء حقاً محو هذه الصورة النمطية الراسخة عنهم،  فإنّ ذلك سيظهر في التشكلية الحكومية المرتقبة، أسماء وحقائب، وفي المدى الذي سيذهبون إليه في تعبيد الطريق امامها دعماً وتسهيلاً، وفي الابتعاد حقاً عن العرقلة وزرع الافخاخ... خصوصاً وانّ باب العقوبات الاميركية شُرّع ومحاولات العرقلة مستمرة بدليل زيارة اسماعيل هنية.

وعند الامتحان يُكرم المرء، أو ....!  

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني