نداء الوطن
نوال برّو
بعد حرب طاحنة دامت شهرين مع إسرائيل، ومعركة طالت أكثر من 6 عقود من الزمن مع الوجود المسلّح الفلسطيني، يشهد لبنان تحوّلاً تاريخياً في مسار تطبيق القرار 1701، إذ تقوم الفصائل الفلسطينية بتسليم مراكزها وأسلحتها إلى الجيش اللبناني في بعض مناطق البقاع. كما أن الجيش يعمل بعزم على بسط سيادة الدولة على "ما تمكّن" من أراضٍ لبنانية.
إذاً الجيش الذي يعمل بعزم على بسط سلطة الدولة وسيادتها تسلّم مراكز عسكرية كانت تشغلها تنظيمات فلسطينية وهي مركز قوسايا - زحلة التابع سابقاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة بالإضافة إلى الأنفاق العائدة له.
مركز "جبيلة عين البيضا" في كفرزبد التابع سابقاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة.
السلطان يعقوب في البقاع الغربي.
حشمش المواجه مباشرة لموقع قوسايا.
ومعسكر حلوة - راشيا التابع سابقاً لتنظيم فتح الانتفاضة.
يُرجع العميد المتقاعد والخبير الاستراتيجي الياس حنّا أسباب انقلاب اللعبة إلى عاملين رئيسيين: "الأوّل موافقة "حزب الله"، الذي يحمي هذه الفصائل بالدّرجة الأولى على القرار 1701 وهو اليوم تحت إمرة "اتفاق الطّائف" وسيادة الدولة. الثاني انقطاع "حزب الله" والفلسطينيين بكل ألوانهم، عن الساحة السورية ما تسبب بضرب هذه المنظومة".
وفيما يستغرب البعض ليونة الفصائل الفلسطينية في التعامل مع هذا القرار، يقول حنا "هذه الفصائل وجدت نفسها أمام حلّين لا ثالث لهما، إمّا القتال وإما الخضوع للقانون. وهي اليوم ليست في وارد خوض صراع والدخول في معارك مع الدولة اللّبنانية، لأنها ستكون خاسرة بسبب التغييرات الإقليمية والمحلية التي لا تصبّ في مصالحها. كما لا تخبذ هذه الفصائل تعريض 400 ألف لاجئ فلسطينيّ في لبنان للخطر.
وفي الحديث عن الهواجس المحلية، أصبحت الفصائل الفلسطينية في وضع حرج، خاصّة أن من يحميها، أي "حزب الله"انضوى تحت قرار الدولة اللبنانية، وفقاً لحنّا الذي يشدّد على أن "الحزب" لم يسحب يده طوعاً عن الفصائل، بل قسراً بسبب التّحولات الكبيرة والمشاكل الداخلية التي يعاني منها. "حزب الله" يحاول التقاط أنفاسه بعد حربه مع إسرائيل ويعالج ملفات ذات أولوية كبرى بالنسبة إليه، كالتعويضات وإعادة الإعمار وترميم بنيته وبيئته.
باختصار يحاول "حزب الله" لمّ شمله وحماية كيانه بعد كلّ الضربات التي ألمّت به. كما يحاول تجنب أي مشاكل داخلية إضافية قد تترتب في حال أقدم على حماية مجموعات مسلّحة موجودة على أراضٍ لبنانية.
وعما إذا كان سيتم بسط سيادة الدولة من خلال الجيش على كل الأراضي اللّبنانية يقول حنّا "الوقت مبكر للحديث عن هذا الأمر، يمكن اعتبار هذه الخطوة مرحلة تمهيدية لإزالة السّلاح من المخيّمات الفلسطينية في مرحلة لاحقة، إذ لا يمكن للجيش فتح جبهات عدة بإمكانيات محدودة. كما أن الأمر لن يُطبّق قبل قيام حكومة شرعية تجمع كل الأطراف، لتقرر بدورها لملمة أسلحة المخيمات".
أما عن مصير مستودعات وأنفاق "حزب الله"، فإن سيطرة الجيش اللبناني عليها لن يكون مضموناً طالما أن القرار السياسي الصريح غائب.