الإعلامي منير الحافي
لمتابعة الكاتب:
@mounirhafi
X, Facebook, Instagram
إنّ أهل السنة في لبنان لن يكونوا إلا أهل اعتدال. فدينهم الحنيف يقوم على الاعتدال وعلى العدل، وعلى كل ما يمت بالوسطية بمكان. من هنا أردت أن أبدأ حلقة اليوم. وأستطيع أن أؤكد أن أهل السنة في سوريا، وفي كل الشام تاريخياً، ملتزمون بالوسطية مهما كانت الظروف السياسية أو العسكرية أو الأمنية التي تحيط بهم. هذا ما نأمله الآن، وغداً.
وبعد، فإن هناك قضية تُطرح منذ العام ٢٠١٤ هي قضية المعتقلين الإسلاميين في السجون اللبنانية. بسبب الظروف السياسية الجديدة في سوريا، المبنية على سقوط نظام الأسد، تطفو على السطح من جديد، قضية إطلاق سراح هؤلاء الذين يحتاجون إلى إنهاء محاكماتهم، أو إغلاقِ ملفاتهم المتشعبة، أو قطع الشك باليقين، بأن التدخل السياسي والطائفي الذي كان في المرحلة السابقة قد توقف. ويمكن الآن أن تدرس الملفات بشكل علمي ودقيق وأمين لإنهاء قضية الموقوفين الإسلاميين في لبنان. عدد هؤلاء بحسب محاميهم يقارب من ألفٍ ومئتين. معظمهم لبنانيون، إضافة إلى موقوفين من جنسيات عربية، منها سورية وفلسطينية. بالمنطق فإن الحكم الجديد في سوريا ذا الطابع الإسلامي، سوف يطالب باسترداد المتهمين أو المدانين من الموقوفين السوريين. يبقى هناك متهمون لبنانيون، مطلوب من الحكومة اللبنانية سواء الحالية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، أو الحكومة الأولى في العهد الجديد أن تبتّ سياسياً بهذا الأمر. ويمكن في هذا الخصوص، أن يتم تسريع المحاكمات أمام المجلس العدلي وتأمينُ المحاكمات العادلة البعيدة عن أي تدخل سياسي أو طائفي أو مذهبي. يطالب ذوو الموقوفين اللبنانيين بأن يصار إلى إصدار قانون عفو عام يشمل الموقوفين الإسلاميين وموقوفين من طوائف أخرى خصوصاً مرتكبي جرائم تصنيع المخدرات أو الإتجار بها، ومعظمهم من الطائفة الشيعية، وآخرين ينتمون إلى الطائفة المسيحية، من المتعاملين السابقين مع الاحتلال الإسرائيلي. عندئذ، وعلى قاعدة «ستة بستة مكرر» يقرّ القانون في مجلس النواب، على الأرجح بعد جلسة انتخاب الرئيس العتيد.
الرئيس نجيب ميقاتي، التقط الجوّ الإسلامي السني المطالب بحل قضية هؤلاء، خصوصاً الدعوة التي أطلقها أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ أمين الكردي الذي طالب بإنهاء معاناة الموقوفين وذويهم. كما وافق الشيخ أمين في هذا الطلب، عددٌ من المشايخ والمحامين في لبنان. الشيخ أمين الكردي حذّر السلطات والسياسيين والقضائيين وضباط الجيش وعناصره والمعنيين في المحكمة العسكرية بأنه «لن نرضى بالظلم بعد اليوم» للموقوفين في سجن رومية. يقول إن بعض العقول المدربة من النظام الأسدي ما زالت تتحكم بالشباب المسلم في سجن رومية.
الرئيس ميقاتي، اجتمع مع وزير الداخلية بسام مولوي ووزير العدل هنري خوري في السراي الكبير للبحث في موضوع السجون. وقد أعطى توجيهاته بالإسراع لتكليف قاض من النيابة العامة التمييزية وضابط من قوى الأمن الداخلي وممثل عن الصليب الأحمر للكشف على السجون ومتابعة ما يلزم، إلى حين توصل مجلس النواب إلى ما يراه مناسباً في موضوع العفو العام. ووجه سؤال من الصحافيين إلى وزير العدل عن السجناء غير المحكومين فقال:«هذا الموضوع قيد المعالجة وهناك متابعة حثيثة لهذا الأمر، وهناك نوع من الإجراءات ستتخذ في هذا الخصوص».
رأيي، أن الوقت مناسب الآن لإنهاء هذا الموضوع، في أسرع وقت ممكن، كي تضرب الدولة اللبنانية عشرة عصافير بحجر واحد.
- الحجر الأول: أن تثبت أن النظام في لبنان نظام رشيق يتحرك بشكل مستقل عن أي نظام آخر في المنطقة سواء أكان قريباً أم بعيداً.
- الثاني: أن تلاقي السلطات اللبنانية الإدارة الجديدة في سوريا التي أزاحت نظاماً متجذراً عمره أربعة وخمسون عاماً. إطلاق الموقوفين الإسلاميين بحسب القانون اللبناني، يعتبر إشارة طيبة مع الحكام الجدد.
- الثالث: الإسراع بمحاكمة غير الخاضعين للمحاكمة سابقاً، يعني عودة النشاط إلى الجسم القضائي اللبناني. والقضاء جزء أساسي من السلطات التي تحتاج جميعها في لبنان إلى إصلاح مع العهد اللبناني الجديد القادم.
الرابع: إن إزالة الظلم عن المظلومين هي من أسمى أنواع الإنجازات على كل صعيد. وطوبى للذين يرفعون الظلم عن المظلومين.