الإعلامي منير الحافي
لمتابعة الكاتب:
@mounirhafi
X, Facebook, Instagram
نعيش في عبق عيد ميلاد السيد المسيح، الذي يتّبعه المسيحيون ويؤمن برسالته المسلمون. كل مدن لبنان وقراه من بيروت وجبل لبنان حتى آخر الزوايا، تحتفل بالعيد محبةً وسلاماً. يريد اللبنانيون بالفعل أن يحيوا بسلام. يريدون أن يرفعوا عنهم غطاءً ثقيلاً من الهموم والأحزان. يريدون أن يستبدلوا الألوان القاتمة بألوان الأمل.
خلال العام الحالي، الذي يودّع، عانى اللبنانيون، خصوصاً البيئة الحاضنة لحزب الله، ويلات العدوان الإسرائيلي الكبير على لبنان. وأصيب كل لبنان بالقذائف والصواريخ وتهدمت بيوت وشوارع، وذهب شهداء وجرحى، وأصيب العشرات بعاهات مستدامة. بكت عائلات، وخسرت بيوتاً أسسها الأهل أو الأجداد في الجنوب أو الضاحية أو البقاع. كل لبنان تضرر، وكل لبنان خسر أهلاً أو أصدقاءً أو جيراناً. خسر الاقتصاد اللبناني، كما خسر الشعب اللبناني عدداً كبيراً من خيرة أبنائه.
الحقيقة، لبنان يخسر منذ عشرات السنين سواء من أبنائه عند الحروب أو من اقتصاده وماليته. هل من الضرورة أن أذكر للمستمعين الكرام خسائرنا خلال الحرب الأهلية. كم من شهيد وجريح ومفقود ومخطوف ومقتول ومضروب.. وكم وكم خسرنا أنفساً وممتلكات؟
هل نسينا أيضاً حروب الداخل بين الإخوة، سواء في ما يسمى «الشرقية» أو «الغربية»؟ حروبَ الأحزاب والتفجيرات المتبادلة التي كان يشارك فيها أيضاً النظام السوري السابق وأنظمة عربية وأجنبية، في لبنان؟
هل ننسى الخسائر المادية التي مني بها اقتصاد لبنان، وننسى خسائر المودعين، صغاراً كانوا أم كباراً، نتيجة أكبر إخفاق من قبل الثلاثي: الدولة، ومصرف لبنان، والمصارف؟ هل ننسى تفجير الرابع من آب الرهيب وما خلّفه من ضحايا أبرياء ومن خسائر ضربت المرفأ ومعه ثلثُ بيروت؟
نعيد التذكير كي لا ننسى. نعيد التذكير كي ننتهي من تكرار هذه الأحداث. نعيد التذكير بالآلام، كي نبدأ بالعلاج. وعلاج لبنان هو إصلاحه الحقيقي. الإصلاح كما صار معروفاً يرتكز على تجديد مفاصل الدولة. التجديد يعتمد بشكل أساسي على اختيار الأنسب والأفضل والأكثر إنتاجية. من رئيس الجمهورية والحكومة والنواب والمدراء العامين. من المناصب العليا وما دون ذلك. محاربة الفساد ضرورة أخرى مهمة. محاسبة الفاسدين والمقصّرين واللامبالين. والتوجه نحو الحوكمة الألكترونية التي صارت معتمدة في كثير من الدول العربية.
أنتظر كما اللبنانيين التاسع من كانون الثاني المقبل بفارغ الصبر كي تكون جلسة ينتخب فيها مجلس النواب رئيساً للبلاد. أتمنى أن يخرج رئيس سواء بالتوافق أو بالانتخاب الديموقراطي لأن أي رئيس يُنتخب سيكون وطنياً وعليه واجب ترؤس الدولة وتحقيق ما يطلبه اللبنانيون. بعد الرئاسة آمل أن يتم تكليف رئيس حكومة يشمّر عن ساعديه لتأليف حكومة تليق بطموحات اللبنانيين في السياسة والأمن والاقتصاد وغيرها من العناوين. آمل أن يكون في هذه الحكومة وزراء يتنافسون على حب لبنان وحب الملفات التي اختيروا لأجلها. يتنافسون على تحقيق الإنجازات. عند اللبنانيين أحلامٌ وتمنيات كثيرة يطلبونها من الله سبحانه وتعالى، ويريدونها من مسؤوليهم. أنا واللبنانيون نريد أن يحصل لبنان على ميلاده الجديد. نريد أن تكون السنة المقبلة، مليئة بالخير والسلام وتحقيق الوفر للشعب اللبناني الذي تعذّب كثيراً وحان له أن يرتاح.