الإعلامي منير الحافي
لمتابعة الكاتب:
@mounirhafi
X, Facebook, Instagram
لا يمكن لوم السوريين على أفراحهم. لا يمكن لوم الناس في بلاد الأمويين على فتح مدنهم وأذرعتهم لهيئة تحرير الشام، بعد الذي عاشوه خلال عقود. السوريون عانوا من نظام الشخص الواحد والفئة الواحدة منذ ٥٤ عاماً. عانى السوريون من تدخل ميليشيات طائفية وإيران وروسيا، لإبقاء الحال الشاذة السابقة بالقوة. السوريون يطلبون من العالم أن يتفهمهم لأنهم استطاعوا عن طريق «هيئة تحرير الشام» ومسانديهم في تركيا أن يسقطوا نظام بشار الأسد الذي ورث سوريا عن والده حافظ الأسد. قد يقول البعض إنه «يتخوف من هؤلاء الجدد على مستقبل سوريا لأنهم إسلاميون أصولهم متشددة». يردد هؤلاء الذين تسلموا الحكم إن سوريا ستكون لجميع السوريين ولا خوف على باقي الطوائف، أي غير المسلمين السنّة.
تحديات كثيرة تنتظر الحكم الجديد. التحدي الأكبر هو معرفة كيفية حكم سوريا. فسوريا لطالما كانت امتحاناً عسيراً لكل من حكمها منذ بدء التاريخ مروراً بمعاوية بن أبي سفيان وبكل من حكمها بعده، سواء كان أصيلاً أو رديفاً. سوريا تحتاج إلى حُسن الحكم. تحتاج إلى كل ما يمت إلى حسن الحكم بصلة. إن دمشق وسوريا كما لبنان هي من عواصم الحضارة في هذا الشرق وهذا العالم. تستأهل سوريا التي انطلق من شواطئها الحرف، والتي كانت عاصمة للدولة الأموية التي نشرت الإسلام السمح والمنفتح في هذا الشرق أن تحكم بشكل حسن.
والحكم الحسَن والصحيح بالنسبة إلى أيامنا هذه، عناوينه الأساسية تقوم على التالي:
-إعادة تشكيل الحكومة والحوكمة والمؤسسات الرسمية بشكل حديث وعصري.
-الإصلاح: يتناول إصلاحَ كل شيء في الدولة والإدارات والمؤسسات الرسمية.
-اعتماد الديموقراطية وهي التي تشرك كل فئات الشعب في الحكم بطريقة متوازنة.
-العدالة، بحيث تعطى كل فئة حقوقَها وتعمل واجباتها.
-الأمن، بحيث ينتشر الأمن والأمان لجميع السكان من دون خوف ومن دون رعب ومن دون ترهيب. وبعدما فتحت السلطة الجديدة زنازين السجون التي حوت مئات آلاف الأشخاص من سوريا ومن جنسيات عربية وغيرها، يجب إقفال هذه السجون «إلى الأبد» واستبدالها بالمدارس والجامعات.
-التعليم: فتح سوريا على التعليم وإعطاءُ أبنائها وبناتها الحق في الحصول على التعليم المفتوح غير الموجّه، ودخول سوريا عصر الحداثة والتقدم على هذا الصعيد.
-تحرير الأراضي التي تحتلها إسرائيل وهي التي لم توقف اعتداءاتها على الأراضي السورية بحجة تدمير القدرة الصاروخية والكيماوية والبحرية للقوات المسلحة السورية.
-الانفتاح على المحيط العربي خصوصاً دول جوار سوريا والسعودية والخليج ومصر وكل العرب بعد الابتعاد عن إيران وما كانت تمثّله مع الحكم السابق الذي تمّ إسقاطه.
ينبغي على الحكم الجديد، أن يدعو كل السوريين المنتشرين في جميع أنحاء العالم للعودة إلى بلادهم. العودة قد تكون نهائية أو شبه نهائية لأن العديد ممن سكن – أو ولد- خارج سوريا قد لا يعود عودة نهائية خصوصاً في الوقت القريب. لكن في المدى المتوسط قد تكون عودة هؤلاء نهائية. كل ذلك يعتمد على كيفية حكم سوريا. السوريون في الخارج عندهم قدرات بشرية وعلمية واقتصادية هائلة يجب الاستفادة منهم من أجل وطنهم.
الإسلاميون الذين حرروا سوريا على طريقتهم يعود إليهم هذا الأمر. يمكن لهم أن يعملوا فارقاً كبيراً بين الحكم السابق والحكم الذي يحلم به السوريون. يمكن لهؤلاء أن يدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وتغيير الفكرة الرائجة بأن الإسلام السياسي أو المسيس قد يكون قادراً على الثورة لكنه سيفشل حكماً، في الحكم. أبو محمد الجولاني، رجع إلى اسمه الأصلي أحمد الشرع وشذّب لحيته. مطلوب من المقاتلين جميعاً أن يشذّبوا ذقونهم. أن يعيدوا أسماءهم الحقيقية، وسوريا إلى أصولها العربية الطيبة، لكن التي تتطلع إلى المستقبل.