يواصل حزب الله تأكيد عدم القبول بأي تفاوض تحت النار، وفق ما قال نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله محمود قماطي في حديث للجزيرة أمس. وفي السياق عينه، كان للنائب في كتلة الوفاء للمقاومة علي المقداد تصريح في حديث للميادين أمس أكد مرة جديدة فيه على هذا الموقف، حيث قال المقداد: "فليوقفوا العدوان على لبنان ولكل حادث حديث"، وهو بات موقف المقاومة الواضح والمعلن عنه عدة مرات. في خط مواز، توالت الزيارات وكثرت المبادرات الرامية الى وقف اطلاق النار، من دون أن تحقق هذه الاخيرة أي نتيجة ملموسة حتى اللحظة.
في هذا السياق، أشار الصحافي والمحلل السياسي وجدي العريضي في حديث لـvdlnews الى أنه "لا شك أن حزب الله حسم موقفه حول وقف اطلاق النار، فهو أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يفاوض باسم حزب الله والذي أكد أنه لا يزال على الاتفاق مع أمين عام حزب الله السابق السيد حسن نصر الله قبيل تعيين الامين العام الحالي الشيخ نعيم قاسم، بما معناه أنه على الثوابت والمسلمات التي توافق عليها والشهيد السيد حسن نصر الله بالنسبة للمفاوضات".
وأضاف العريضي: "بمعنى آخر، إن الحزب عاد وأكد على هذه الثوابت أي أن لا وقف لاطلاق النار طالما العدوان الاسرائيلي مستمر من خلال قصف الاماكن السكنية الآهلة واعتماد سياسة التدمير الممنهج أو سياسة الارض المحروقة، ولهذه الغاية كان لافتًا أن أكثر من مسؤول في الحزب ونائب في كتلة الوفاء للمقاومة ظهروا في الاعلام وأكدوا المؤكد بأنه لا مفاوضات تحت النار".
واعتقد أن ذلك يعود الى أن "الحزب بات في وضعية مريحة بعد تعيين الشيخ نعيم قاسم أمينًا عامًا للحزب خلفًا للشهيد السيد حسن نصر الله ومن ثم تسجيل اصابات في صفوف العدو الاسرائيلي في المعارك البرية الجارية حاليًا في الجنوب وصولًا الى قصف العمق الاسرائيلي، هذا ما يشكل معادلة مع العدو، ما يعني أن الحزب، وفي هذه المرحلة، قد تكون لديه فرصة مؤاتية لتحسين شروط التفاوض أي الا تفرض اسرائيل شروطها وتقول إن الحزب انهزم وعليها أن تفعل ما تشاء وتفرض ما تشاء من شروط سياسية وخصوصًا مراقبة الاجواء اللبنانية من قبل الطيران الاسرائيلي، وهو ما رفضه الرئيس بري والحزب وحتى الحكومة اللبنانية".
وشدد العريضي في حديث لموقعنا على أن "هذه الثابتة بأن لا مفاوضات قبل وقف اطلاق النار باتت من المسلمات بالنسبة لحزب الله".
وتابع: "اللافت أنه، وعلى الرغم من زحمة الموفدين الدوليين ومؤتمر باريس الى زيارة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى لندن ولقائه كبار المسؤولين فيها، فإن هذه الدول وكل المساعي والجهود الدبلوماسية لم تصل الى أي حلول من شأنها وقف اطلاق النار، وذلك يعود الى الوقت الضائع الذي تستغله اسرائيل الى حين الانتخابات الرئاسية الاميركية وهي تستمر في نهجها التدميري وعدوانها على لبنان، في ظل هذا الصمت الدولي المريب وتغطية العدوان من قبل الولايات المتحدة الاميركية"، مشيرًا الى أنه "بمعنى أوضح، ثمة سباق محموم بين الجمهوريين والديمقراطيين لدعم اسرائيل وتحديدًا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في هذه المرحلة على خلفيات انتخابية تاريخية بين واشنطن وتل أبيب".
وعما يمكن أن تحمله المرحلة المقبلة من تطورات، قال العريضي: "من الطبيعي، أن المرحلة المقبلة ستحمل الكثير من التطورات، وباعتقادي ووقف المعلومات التي أملكها، نحن أمام أسبوعين مفصليين غير مسبوقين، بمعنى أن اسرائيل ستواصل عدوانها، لا بل سترفع من منسوب التصعيد واستهداف مناطق ربما جديدة من خلال بنك الاهداف لديها أكان على مستوى التدمير الممنهج واستغلال ورقة النازحين من الجنوب والضاحية والبقاع لتحويل هذه المناطق التي تهجروا منها الى أرض محروقة لتفرض شروطها خلال التسوية أو الوصول الى التأكيد على القرار 1701 وربما تعديله وفق آليات تطبيقية جديدة".
وأكد أن "الصورة حتى الساعة غير واضحة المعالم، انما نحن أمام مرحلة صعبة ومعقدة ولن توقف اسرائيل هذا العدوان راهنًا الى حين تحقيق أهدافها أي ضرب البنية الميدانية والاقتصادية والقيادية لحزب الله، ولكن في المقابل إن الحزب التقط أنفاسه ويقوم بانجازات من خلال التصدي للعدوان الاسرائيلي برًا وقصف العمق في مناطق داخل اسرائيل".
وأشار الى أنه "قد تكون هناك مفاجآت من قبل حزب الله على غرار استهداف منزل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، بمعنى أوضح أن اللعبة مفتوحة على كافة الاحتمالات ميدانيًا وباعتقادي وهي مسألة باتت محسومة، أن الميدان هو من يحدد مسار التسوية والقرار 1701، فإذا كان حزب الله قادرًا على الاستمرار في هذه المواجهة، وهذا ما أراه أمرًا واقعًا في المرحلة الراهنة، فإن ذلك قد يغير المعادلات والمقاربات على صعيد التفاوض".
وشدد العريضي على أن "الميدان هو الحكم في هذه المرحلة"، متابعًا: "قد يكون هناك تعادل بين السماء والارض لان اسرائيل تجتاح لبنان جوًا وحزب الله يقصفها في العمق ويتصدى لها برًا لذا نحن أمام أيام صعبة وقاسية، فعند الوصول الى أي تسوية ووقف اطلاق نار فذلك سيكون على الحامي وليس على البارد".
وعن تأثير الانتخابات الرئاسية الاميريكية على مسار الحرب، اعتقد أن "كل المسارات في المنطقة، وليس فقط الحرب في لبنان، مرتبطة بالاستحقاق الانتخابي الاميركي وتحديدًا لبنان، ذلك لأن اسرائيل تستغل هذا الوقت الضائع والفرصة الذهبية المؤاتية لها وتقوم بمزيد من القصف والتدمير في الضاحية وفي الجنوب وفي البقاع، وتتابع مسلسل الاغتيالات كما النهج العدواني والتدميري، استغلالا لفرصة يعتبرها نتنياهو ذهبية أكان على مستوى دعم الكونغرس والبنتاغون والجمهوريين والديمقراطيين، أكان من الرئيس الحالي جو بايدن أو المرشحة كامالا هاريس والمرشح الرئيس السابق دونالد ترامب، فكل هذه المسائل يستغلها نتنياهو"، مضيفًا أن "مسار الانتخابات الرئاسية الاميركية هو موضع ترقب من لبنان الى سوريا وايران واليمن والعراق أي كل هذه الجبهات المشتعلة أو التي تشهد توترات كبيرة".
وأشار العريضي في حديث لموقعنا الى أنه "الى حين انتخاب الرئيس وتشكيل إدارة أميركية جديدة وتحديد سياسة شرق أوسطية فإن الامور ستبقى على ما هي عليه، لكن هناك زحمة موفدين منهم ممثلين شخصيين للرئيس بايدن الى موفده في المنطقة ولبنان آموس هوكشتاين، فذلك قد يؤدي الى وقف إطلاق النار إذا كانت هناك نية اسرائيلية للالتزام بالاتفاق، إنما أرى من خلال الأجواء الراهنة، أن الامور تدور في حلقة مفرغة".
وقال: "لا أرى أن نتنياهو، ومن خلال هذه الفرصة المتاحة أمامه، مستعد لوقف اطلاق النار قبل أن يحقق أهدافه أو يقوم بإنجاز كبير وإن كان ذلك يحمل الكثير من التعقيدات والصعوبات في ظل التقاط حزب الله أنفاسه وتصديه للعدوان الاسرائيلي برًا وقصف العمق الاسرائيلي، لذلك لا أرى أننا أمام تسوية أو تطبيق القرار 1701 في وقت قريب بل الامور بحاجة الى وقت طويل".
وختم: "أرى، وهو ما سمعته من أكثر من مرجع سياسي، أن المسألة ليست في الحرب فالبعض بدأ يتحدث عن تداعياتها التي ستكون كارثية على كافة المستويات".