الإعلامي منير الحافي
لمتابعة الكاتب:
mounirhafi@
X, Facebook, Instagram
فرنسا، سباقة دائماً في الدفاع عن لبنان ومساعدته. هذا الأمر ليس جديداً عليها. فعلاقتنا مع باريس، علاقة تاريخية وثقافية، فيها الكثير من الودّ ومن التفهم الفرنسي للواقع اللبناني. إنطلاقاً من ذلك، يجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في العاصمة الفرنسية سبعين دولة على مستوى وزراء الخارجية أو من ينوب عنهم، و١٥ كياناً دولياً على رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أجل لبنان. هذا ليس المؤتمر الأول ولن يكون الأخير. لكنه سيكون محطة بارزة تشد أنظار اللبنانيين والعالم إليها في ظل الحرب الإسرائيلية القائمة عليه. فالمؤتمر الذي ينعقد اليوم الخميس بحضور ماكرون ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، يُنظر إليه كمناسبة ذهبية للبنان كي ينتزع من العالم ركيزتين. الأولى: وقفُ إطلاق النار الذي ترفضه إسرائيل التي ما فتئت تقتل وتضرب لبنان، بحجة القضاء على حزب الله. والثاني: تأمينُ المساعدات الإنسانية نتيجة الإصابات الكبيرة في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية، والنزوح الكبير لأكثر من مليون ومئتي ألف نازح من جنوب لبنان، ومن الضاحية الجنوبية لبيروت ومن البقاع وغيره. أما ما يتفرع عن المساعدات الإنسانية والسياسية، فهو أن ينتزع لبنان دعماً للجيش اللبناني على الصعيد السياسي وعلى صعيد مدّه بالأسلحة والعتاد، وربما بمساعدات مالية لعناصره كما تفعل دولة قطر. هذه العناصر الثلاث ينتظرها لبنان الدولة. غير أن حسابات لبنان قد تكون مختلفة عن حسابات المجتمعين في باريس. فنقطة الضعف الأولى، هي غياب وزراء خارجية دول مهمة، ومنهم وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن المشغول بمؤتمر آخر. وبحسب الحضور السياسي الأميركي، يتحدد مستوى الاهتمام الأميركي بالمؤتمر. وكذلك يتحدد مستوى الدعم الأميركي الاقتصادي والإنساني للبنان.
الأخبار الواردة من باريس تؤكد أن الموفد الأميركي الخاص للشرق الأوسط آموس هوكشتاين سيحضر المؤتمر حكماً. في أي حال، ينتظر لبنان من الولايات المتحدة الأميركية بلورة أفكارها الدبلوماسية بشأن مبادرة وقف إطلاق النار المبنية على القرار الدولي الصادر في العام ٢٠٠٦ : ١٧٠١. وينتظر لبنان الردّ الأميركي من إسرائيل على الأفكار التي طرحها هوكشتاين في بيروت إثر لقائه كلاً من الرئيس نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي. يريد لبنان من الدبلوماسية الأميركية التالي:
- أن تنتزع وقفاً لإطلاق النار من بنيامين نتنياهو أقله لمدة واحد وعشرين يوماً للبحث في السبل التطبيقية للقرار ١٧٠١
- أن تضغط على إسرائيل لوقف المطالبة بتعديل القرار ١٧٠١ بحيث يحصل لبنان على تطمينات بعدم استمرار نتنياهو بمطالبه التعجيزية التي لا يوافق عليها حزب الله. وهذه المطالب كما بات معروفاً تتعلق بإصرار الجيش الإسرائيلي على مراقبة الجوّ والبحر في لبنان والمعابر الحدودية مع سوريا لمنع وصول الأسلحة من إيران إلى الحزب.
- أن تتدخل أميركا فعلاً وتفرض على إسرائيل القبول بوقف إطلاق النار وتخفيف عنجهيتها بقصف الناس في لبنان وغزة. وفي هذا الإطار كان تصريح بلينكن في تل أبيب بأنه يجب تحويل انتصار إسرائيل العسكري إلى انتصار استراتيجي، وينبغي أن تتوقف الحرب. فهل تسمع إسرائيل من أميركا؟!
على الصعيد الإنساني ينتظر لبنان دعم الأصدقاء والأشقاء، دولاً ومؤسسات دولية. حكي عن رقم قد ينطلق منه المؤتمر وهو ٤٠٠ مليون دولار وصولاً إلى حد المليار دولار لدعم الشعب والجيش. برأيي أن المساعدات مهمة جداً لكل من الشعب والقوى العسكرية والأمنية. برأيي، الأهم من مساعدات الغذاء والطبابة هو القرار بتثبيت قدرة الدولة على نشر سلطتها على كل الأراضي اللبنانية. حين تقوى الدولة، لا يحتاج الشعب إلى التمسك بغيرها. هناك فرصة الآن كي يتمسك اللبنانيون بالدولة بمساعدة العالم المحب للبنان. هذا لا يعني أننا نريد أن يخسر حزب الله أو أن تنكسر شوكة البيئة الحاضنة على الإطلاق. إنها فرصة كي يتمسك الحزبُ بالدولة والشعب، في مقابل أعداء لبنان. إنها فرصة كي يؤكد العالم بالقول والفعل أن لبنان لا يُنقذ إلا بدولة قادرة، عادلة، لا تنسى الجنوب ولا أهلَه، ولا تترك البقاع ولا أهله. دولة تحكم في كل لبنان، بلا استثناء.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا