الإعلامي منير الحافي
لمتابعة الكاتب:
@mounirhafi
X, Facebook, Instagram
كل التطورات في المنطقة، بدءاً من لبنان وغزة، وإيران تشي بأن الأمور ذاهبة نحو مزيد من التصعيد. فالعدو الإسرائيلي، ماض في خطته في تدمير كل مصدر يمكن أن يسبب له «٧ أكتوبر أخرى». في غزة، لا يتوقف عن سحق السكان وأبنيتهم وممتلكاتهم. ويتصيد المسؤولين في المقاومة، رغم استدامة حماس والفصائل في قتاله بحسب إمكانياتهم. وفي لبنان، يقصف ويدمّر بصواريخ هائلة الحجم، ترعيباً للحزب وبيئته، ولكل اللبنانيين. كما يواصل سياسة الاغتيالات بلا هوادة. إسرائيل تستغل هذا الوقت الميّت، انتظاراً للانتخابات الأميركية التي ستجري في الخامس من تشرين الثاني المقبل. أيام ثقال على لبنان وغزة وكل من يؤيد الإنسانية في مواجهة الوحشية. في المقابل، هي أيام ثمينة بالنسبة لقادة الاحتلال. هي فرصة لبنيامين نتنياهو لتحقيق أهدافه المعلنة: شرق ٍ أوسطَ جديدٍ، أي بلا مقاومة وبلا نووي لإيران، هذا إذا استطاع.
إسرائيل مستمرة. إيران تنتظر قصف إسرائيل لمواقعها العسكرية. حزب الله، أعلن بلسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الثلثاء، أنه صامد وأن قصفه الأراضي المحتلة يوجع إسرائيل. حماس في غزة أيضاً مستمرة في التصدي.
في هذه الأوقات، اللبنانيون يضرسون. الحقيقة، أن الشعب اللبناني يعاني ويلات الحرب الإسرائيلية عليه. فالإسرائيلي يقصف كل لبنان من أقصاه إلى أقصاه مروراً بعاصمته وضاحيتها الجنوبية. يقول إنه يقصف عناصر الحزب فيقتل مدنيين. والأرقام خير دليل. في هذه الأوقات الصعبة، ليس على الشعب اللبناني إلا أن يكون مع نفسه. لا تقبل الغالبية أن تتخلى عن الأقلية مهما كانت كبيرة. وبمعنى أوضح، يجب أن لا تقبل الغالبية أن تتخلى عن البيئة الحاضنة للحزب، مهما كان الخلاف السياسي معه كبيراً. ووقوف الشعب إلى جانب البيئة الحاضنة، معناه استقبالها واحتضانها، واقتسام لقمة العيش معها. أما الكلام عن الخلافات السياسية وتسويتها معها، فيتم بعد الحرب. وحديث نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، خلال القمة الروحية في بكركي، عن ضرورة انتخاب رئيس جمهورية توافقي، ثم تشكيل حكومة وطنية جامعة، بعد وقف إطلاق النار، كلام مهم، يمهد ربما لإيلاء البيئة الحاضنة، الأهمية للدولة على المجموعة مهما كانت قوية. البيئة الحاضنة للحزب تعيش أياماً صعبة. ولبنان كله يعيش أياماً صعبة. كل البيئات تعيش أياماً صعبة. فالجسد اللبناني كله يعاني. وحسناً فعل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أن دعا رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية للاجتماع في الصرح البطريركي الوطني. هذه إشارة مهمة جداً للداخل والخارج، إلى أن العائلات الروحية اللبنانية دائماً مستعدة للاجتماع والتعاون ومواجهة الأعداء موحدين. مهمّ أن تجتمع العائلات للحوار والمناقشة بعيداً عن الخلافات في الإعلام ووسائل التواصل التي لا تسمن ولا تغني من جوع. لقاء بكركي، مهم في الشكل والمضمون. فالمفتون والبطاركة والمسؤولون الروحيون، إجتمعوا في صورة واحدة وفي مكان واحد. إجتمعوا وعبروا علانية عما يجول في عقل الرئيس الديني لكل طائفة. وكل الكلمات لم تكن سوى دعوات للوحدة والتعاون والسلام بين اللبنانيين. هذه الصورة لا نشاهدها عند جارتنا في الجنوب. إسرائيل هي دولة اليهود فحسب وأما المسلمون والمسيحون الموجودون هناك فمهمّشون.
نحمد الله أن لبنان رغم مشاكله الكثيرة والعميقة، وضعف الدولة فيه، بلد يجمع الطوائف جميعها. لبنان بلد حضاري. لكن الحضارة عنده تتشظى عند العدوان الإسرائيلي، وإضعاف الدولة، واستشراء الفوضى. حان الوقت لتوحيد البيئات اللبنانية. حان الوقت لبناء الدولة القوية الجامعة المستقلة التي تحمي أراضيها بقوة جيشها الواحد الموحد. البيئات كلها تقرر الدفاع والهجوم، والبناء والإعمار. كل البيئات، لا بيئةٌ واحدة.