"خلّيني شمّ ريحتو بركي اذا شاف إمّو بيطلع من تحت التراب"... والدة عماد نزلت تبحث عنه: "يمكن يقلي هياني يا امي انا فايق"
"خلّيني شمّ ريحتو بركي اذا شاف إمّو بيطلع من تحت التراب"... والدة عماد نزلت تبحث عنه: "يمكن يقلي هياني يا امي انا فايق"

خاص - Tuesday, August 11, 2020 11:01:00 AM

"خلّيني شمّ ريحتو بركي اذا شاف امو يمكن يطلع من تحت التراب يمكن يرمش بعينو يمكن يقلي هيّاني يا إمّي انا فايق يا إمّي". بكت، صرخت، بألم ثمّ توجهت الى مرفأ بيروت تترجى عناصر الجيش كي يسمحوا لها بالدخول الى تلك المقبرة الجماعيّة، لعلها تجده.
صاحت ألما، تأمّلت أن يسمعها صوتها وهي تناديه، في النهاية هي أم والابن يستطيع أن يميّز صوت والدته من بين مئات الأصوات وزحمة الضجيج.
هي والدة عماد زهر الدين، هي والدة الشهيد عماد زهر الدين ابن برج رحال الجنوبية، هي أمّ احترق قلبها ودفن تحت رماد العاصمة...
انتشر فيديو لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال صراخها بتلك الكلمات التي أحرقت قلوب الناس، تلك الكلمات التي تركت فجوة أكبر من تلك التي خلّفها العنبر في المرفأ!
وشوهد في الصورة غالب الذي لم نتمكن من التأكد ان كان والد عماد وهو يضمها بشدّة والدموع تغزو عينيه. شدّها الى صدره وصرخ قائلا: "والله ناطرو... قاعد هون ناطرو".
الجميع انتظره حتى يعود. انتظروه وهم يحلمون باللحظة التي يرونه فيها قادما من بعيد، ولو كان مجروحا ولو كان قد أصيب أو تضرر... انتظروه لأيام طوال، لعل عماد يعود ويصرخ من بعيد "هياني يا امي أنا هون"، لكنهم لم ينتظروا عودته محملا على الأكتاف!
صحيح أن بلدته زفته عريسا، هو الذي رُجّح أن يكون صاحب القميص الأبيض في الصورة الشهيرة للشبان الذين كانوا يحاولون فتح باب العنبر، وربما صحيح أيضا أنهم علموا في عقولهم الباطنية أنه توفي لكنهم رفضوا أن يصدقو هذا الواقع المرير.
هم تركوا الأمل سيد الموقف، وبقي الرجاء في قلوبهم كبيرا، جلسوا يتأملون ويتألّمون، فتّشوا تحت الأنقاض لعلّ بنيته القوية انتصرت على التفجير المريب... لعلّه أقوى من القدر أو ربما أقوى من النظام الفاسد وقليلي الضمير الذين "لم يعلموا" بوجود تلك القنبلة الموقوتة الراسية في مرفئنا!
السماء بكت واللبنانيون بكوا حرقة تلك الوالدة المكسورة التي ربّت وسهرت وتعبت حتى يكبر "عكاز الشيخوخة" ويكون سندها في كبرها... هو الذي لم يسعه المرفأ ولم تسعه العاصمة فاقترنت روحه بالشهادة ورحلت تلاقي الرب في السماء!
ربّته ولم تكن تعلم أنها في يوم من الأيام ستحمله هي في تابوت أبيض وتزفه شهيدا للاهمال في وطن لم يبق منه شيء!
لم يعد باليد حيلة، ولم تبق الا الدموع في العيون والغصة في القلب والسلام وألف سلام لروح عماد الشهيدة!

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني