جدارُ الخوف
جدارُ الخوف

رأي منير- تعليق على الأحداث مع منير الحافي - Thursday, August 22, 2024 11:34:00 AM

الإعلامي منير الحافي

لمتابعة الكاتب:

mounirhafi@

X, Facebook, Instagram

حسناً فعلت بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة، بتقديمها يوم الإثنين الماضي شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل بعد خرق مقاتلاتها الحربية جدار الصوت فوق مناطق لبنانية، من ضمنها العاصمة بيروت.

وقالت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان، إن لبنان يدين هذه الخروقات بوصفها انتهاكا صارخاً لسيادته ولقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١ الصادر عام ٢٠٠٦. وأكدت الخارجية اللبنانية أنّ أعمال إسرائيل «مخالفة للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر العقاب الجماعي والترهيب النفسي، خاصةً تلك الممارسات التي تهدف إلى بث الذعر بين المدنيين، مما يزيد من معاناة الفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال».

أرى أن الخارجية اللبنانية «لقطت» خوفَ الناس بالفعل! إنه ما يُسمّى الإرهابَ النفسي أو العاطفي. وفحواه، أن العدوّ حين يرسل طائراته النفاثة والحديثة جداً فوق المناطق اللبنانية البعيدة عن مسرح القتال، يتقصد خرق جدار الصوت، كي يصيب الناسَ بالذعر والهلع. ولقد شهدتُ أكثر من مرة، على ذعر الناس من حولي خصوصاً كبار السنّ والسيدات. واحدة، حين سمعت أول خرق لجدار الصوت، وقفت وابتعدت عن الزجاج ثمّ تسمّرت في مكانها. ولم ترض الجلوس على كرسي أو كنبة إلا بعد مرور ساعة من انتهاء العدوان النفسي على سماء بيروت. وأخرى كانت خارج البيت، اتصلت بزوجها الذي كان قربي، فسمعنا صوتها عبر الهاتف، وهو يهتزّ من الفزع، ولم تتوقف عن السؤال عن أبنائها. هذا لا يعني أن الرجال لا يتأثرون بالإرهاب النفسي. بل على العكس. إنّ مكانتهم كأرباب العائلة تجعلهم مصابين بشكل كبير، خصوصاً وأنهم يفكرون في حيثيات الحرب إذا كبُرت. رحنا نتساءل: هل من الممكن أن تتوسع الحرب؟ أين نذهب بعائلاتنا؟ هل يكفي مالنا للذهاب إلى أماكن آمنة؟ وهكذا.

الصغار أيضاً، حتى المراهقون والشباب، يتأثرون كثيراً بهذا الترهيب الإسرائيلي. صوت الانفجارات لم يعتادوا عليه كما اعتدنا عليه نحن الآباء والأمهات. وهذا الأمر يودي بهم إلى الرعب والتساؤل: ماذا يجري عندنا؟ هل تحدث الحرب علينا؟ هل يمكن أن نموت؟

صوتُ الموت، شهده أبناءٌ وبنات، وكهولٌ، وسيدات ورجال في تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب ٢٠٢٠. هذا الحدث الرهيب الذي لم يلقَ اللبنانيون جواباً حتى اللحظة على تساؤلاتهم تجاه حصوله، ولم يشهد أهالي الضحايا العدالة التي يرجونها منه. الانفجار غير المسبوق، يعود بالذاكرة إليهم عند كل صوت انفجار سواء في السماء أو على الأرض. اللبنانيون عانوا الرعب مثل الفلسطينيين. منذ العام ١٩٧٥ ونحن نعاني من التفجيرات والمعارك والحروب. حروب أهلية وحروب إسرائيلية وحروبُ «إخوة». حان لهذا الوطن أن يرتاح. آن لهذا الشعب أن يعيش بسلام.

الإرهاب الإسرائيلي، لزوم عدة الشغل عنده. والإرهاب يقابل برد فعل من حزب الله الذي كما قال أمينه العام في أحد خطاباته إن الإسرائيلي يعيش أيضاً في رعب. كلما أطلق الحزب مسيرة أو أصاب مركزاً عسكرياً، ذهب الإسرائيليون إلى الملاجئ. السؤال: هل في إسرائيل مدنيون أصلاً؟ ألا يعتبرون أنفسهم جميعاً «عسكراً» في سبيل ما يسمونه أرض الميعاد؟

العدالة وحدها تعيد الأمن والاستقرار إلى فلسطين ولبنان. البداية من وقف إطلاق النار في غزة ووقف آلة القتل الإسرائيلية. نتيجتها حتى الآن أكثر من ١٣٢ ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن عشرة آلاف مفقود. يلي ذلك وقف الأعمال الحربية في جنوب لبنان وصولاً إلى البقاع وغيره، ووقف حزب الله ومسانديه لإطلاق النار على إسرائيل. بعد ذلك يعود العمل السياسي والدبلوماسي لإحلال الهدوء والسكينة في الأراضي التي أحرقتها إسرائيل في غزة والجنوب. هل يستطيع الرئيس جو بايدن والمرشحة الديموقراطية كامالا هاريس، الضغط على بنيامين نتنياهو، لصفقة عادلة، من دون تحيز لإسرائيل؟

الناس في فلسطين ولبنان بحاجة إلى الحياة والإعمار والإسكان. الأطفال يريدون العودة إلى مدارسهم وجامعاتهم. أحد عشر شهراً من الدماء لعلّها لم ترو عطش المسؤولين الإسرائيليين المتمسكين بالسلطة والحكم. التاريخ لن يرحم الإرهابيين مهما كانوا، ومهما كانوا متسلطين، والأمثلة كثيرة في هذا المجال.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني