الإعلامي منير الحافي
لمتابعة الكاتب:
mounirhafi@
X, Facebook, Instagram
لم يكن يدركُ ربما، الشاب العشريني توماس ماثيو كروكس، الذي أطلق النار على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مدينة باتلر بولاية بنسلفانيا، أن رصاصته التي أخطأت رأس المرشح الجمهوري، ستصيب رأس المرشح الديموقراطي جو بايدن لا محالة. الرصاصة التي خدشت أذن ترامب ولم تصب جمجمته، بعد تحرك رأسه الأعجوبي باتجاه اللوحة الإعلانية، كانت الوسيلة الأكثر أهمية لترامب حتى الآن في ارتفاع أسهمه بشكل غير مسبوق.
ما هي إلا أيام قليلة على هذا الحادث، من يوم إطلاق النار على ترامب، السبت في ١٣ تموز، حتى الأحد ٢١ تموز، حتى أعلن بايدن تنحيه عن الاستمرار في خوض السباق الرئاسي ومباركته لترشيح نائبته الحالية كامالا هاريس بدلاً منه للوصول إلى البيت الأبيض.
كل العيون إذاً، متوجهة الآن نحو المرشحيْن الذاهبين نحو المواجهة الكبرى في تشرين الثاني المقبل. ترامب، وهاريس التي ضمنت العدد الكافي من المندوبين للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة. لكن يبقى القرار النهائي في تحديد المرشح الديموقراطي في مواجهة ترامب، للحزب الذي يعقد مؤتمره الوطني الشهر المقبل في شيكاغو.
ترامب، متقدم؟ هذا هو السؤال المرحلي. والسؤال النهائي والذهبي في تشرين الثاني: من تقدّم على من؟ ترامب أم هاريس.
في أول استطلاع للرأي قد يكون مفاجئاً بعض الشيء للمراقبين، تقدمت نائبة الرئيس الأميركي على دونالد ترامب بفارق ضئيل في استطلاع وطني صدر أول أمس الثلاثاء، وهو الأول من نوعه منذ أن أنهى الرئيس بايدن حملة إعادة انتخابه. وتخطت هاريس بنقطتين ترمب بنسبة ٤٤ ٪ مقابل ٤٢ في المئة، وفق استطلاع أجرته «رويترز- إبسوس» الذي أجري في اليومين التاليين لإعلان بايدن الأحد انسحابه من السباق وتأييده ترشيح نائبته.
وفي استطلاع مشابه أنجز الأسبوع السابق، تعادلت هاريس مع ترامب بنسبة ٤٤ في المئة. فما هي نقاط القوة التي تتقدم فيها هاريس على ترامب.
النقطة الأولى واللافتة هي العمر. فهاريس تصغر ترامب بتسعة عشر عاماً. عمرها ٥٩ عاماً وعمر ترامب ٧٨. أي أنّها يمكن أن تعاير ترامب بشيخوخته كما كان هو يعاير بايدن بعمره المتقدم ٨١ عاماً. هاريس تستطيع أن تعيد لملمة الحزب الديموقراطي الذي تشظّى نتيجة الهفوات الصحية والعقلية التي قام بها المرشح السابق للديموقراطيين الرئيس بايدن.
هاريس، سيدة، تستطيع أن تجسّد صورة «المرأة المقاتلة» بأنوثتها وعقلها وكيانها، مقابل «الرجل المقاتل والشرس» ترامب. هي تستطيع أن تكون قوية بضعفها. ومعروف عن هاريس أن أسلوبها الخطابي لاذع، وهي متنمرة تشبه ترامب في أسلوبها في الكلام. هاريس، تجمع كل اليسار والمشردين، والمستضعفين تاريخياً في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ليس بجديد إذ إنه من صفات مرشح الديموقراطيين تاريخياً. هاريس نفسها، ليست سوداء، وإنما من أم هندية وأب جامايكي. هذا الخليط الهجين يدغدغ مشاعر الأميركيين من أصول ليست بيضاء.
أما نقاط قوة ترامب فتتمثل بالآتي.
أولاً، ترامب، انتقد الحروب التي جرت على عهد الديموقراطي بايدن. وانتخاب كاميلا هاريس، نائبته، إذا حصل، سيكون استمراراً لسياسة دعم الحروب سواء في أوكرانيا أو على غزة.
ثانياً، ترامب شخصية كاسرة حاسمة على صعيد التركيبة النفسية والجسدية. وما زاده قوة، لحظة إطلاق النار عليه ونجاته بأعجوبة. وقف والدماء تسيل من أذنه، ورفع قبضته قائلاً: قتال أو قاتل (fight ) ثلاث مرات. هذه الصورة السينمائية لن ينساها المنتخب الأميركي خصوصاً من المترددين. لكن هذا لا يعني أن هذه الصورة قد تؤتي لترامب بأصوات ديمقراطيين. فهؤلاء معايير انتخابهم مختلفة.
ثالثاً، ترامب يلعب على انغماس بايدن وإدارته ومنها نائبته الحالية هاريس بحرب إسرائيل على أهل غزة.
وعلى الرغم من تشدد ترامب في الدفاع عن إسرائيل إلا أنه يردد أنه ما كان ليدع الأمور تصل إلى ما وصلت إليه. وهنا يعمل ترامب على الاستفادة من غضب الديموقراطيين التاريخيين من أصول عربية وإسلامية، من الرئيس بايدن وإدارته. يلعب الدور الكبير في جذب الناخبين العرب والمسلمين في ميشيغان خصوصاً والد صهر ترامب الدكتور مسعد بولس، وابنُه صهر ترامب مايكل بولس المتزوج من ابنة ترامب الصغرى، تيفاني.
الرصاصة التي أطلقها عامل المطبخ كروكس، على ترامب، غيّرت مسارها. الرصاصة أصابت بايدن. هل تكون الرصاصة نفسها، هي التي تسقط هاريس على درب الوصول إلى البيت الأبيض؟ أم ستقدر هاريس على انتزاع النجاح من ترامب وتصيبه هي، بمقتل؟