الإعلامي منير الحافي
لمتابعة الكاتب:
@mounirhafi
X, Facebook, Instagram
على وقع التصفيق الشديد، تسلمت الصحافية هديل عرجة من سوريا، جائزة «سمير قصير» لحرية الصحافة، عن فئة التحقيق الاستقصائي الثلثاء ٤ حزيران. موضوعها الفائز: البلوغ القسري في مخيمات الشمال السوري.. أدوية ٌ هرمونية لتسريع الدورة الشهرية وتزويج الفتيات. رأت لجنة التحكيم أنها تستأهل الربح، على الرغم من تنافسها المهني مع موضوعين مهمين آخرين لصحافي من غزة – فلسطين، وأخرى من مصر.
كنت معنياً بالحضور لأني مؤمن بهذه الجائزة ولأني أعمل ضمن فريق العمل الذي يقوم بالاختيار الأول للمواد المتنافسة التي تُقدّم تالياً للجنة التحكيم. لذلك صفّقت للفائزة السورية، وكنت أرى فيها ناجحة. ما يلفت النظر، إلى أهمية الجوائز التي تقدّمها مؤسسة سمير قصير المدعومة من الاتحاد الأوروبي، هو فكرة الجائزة بحد ذاتها، أكثر من قيمتها للصحافيين: الحرية.
بيروت مدينة الحريات. بيروت مدينة الكل. لبنان مأمن العرب. لطالما كان الوضع هكذا قبل الحرب الأهلية، وبعد الحرب كذلك.
في حرب الـ٧٥، قاتل نصفُ اللبنانيين من أجل «الإخوان الفلسطينيين» لكن غاب يومها الهدفُ السامي وهو رجوعُهم إلى فلسطين. نصف اللبنانيين – أو أكثر - ساندوا القضية الفلسطينية لكن خطأهم أنهم لم يميّزوا بين العودة إلى القدس أو الدخول إلى جونية!
كمسلمين في لبنان، لا نريد أن نعود إلى تلك الأيام. على الرغم من خطايا قام بها «فريقا» البلد يومها، لا فريقٌ واحد فحسب. الفلسطينيون أنفسهم، سلطة ً ومعارضة إسلامية أو يساراً أو وسطاً، لا يريدون البقاء في الشتات، بل العودة إلى بلادهم: إلى فلسطين، رغم الرفض الإسرائيلي والأميركي ورغم الإجرام اليومي بحق أهل البلد الأصليين.
وحال الفلسطينيين، كحال «النازحين» السوريين، وهم بحكم القانون الدولي لاجئون. اللبنانيون اليوم فريق واحد لا فريقان. لا نريد أن يحصل مع السوريين على أرضنا ما حصل مع الفلسطينيين إثر النكبة في العام ١٩٤٨ والنكبة الأخرى في العام ١٩٦٧. لقد استقبل لبنان، إخوانه السوريين الذين تشرّدوا من بلادهم إثر الحرب المجنونة والمدمّرة على أرضهم، وبعد الاستهداف غير المسبوق لأهل سوريا، من ميليشيات طائفية أتت من بقاع العالم. والحُكم على ما حصل، يبقى للتاريخ وللإنسانية. أما اليوم، فيريد اللبنانيون بكل هدوء أن يعبّروا عن آرائهم في الوجود «الأخوي» السوري في لبنان.
أولاً، أنا أرى أن السوريين لهم الحق في أن نستضيفهم هنا، لكن ضمن إمكاناتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. تذكّروا أن السوريين إستقبلوا اللبنانيين اللاجئين إلى أراضيهم بعد كل معركة وكل انتكاسة أمنية عندنا، وبعد كل عدوان إسرائيلي علينا. السوريون جيران، وأهل للبنانيين، وتَجمعهم روابط قربى مع كل الطوائف.
ثانياً، يجب تنظيم الوجود السوري «المؤقت» في لبنان، بحيث تقوم الدولة بواجباتها. أمنياً، تضبط الدخول غير الشرعي على المعابر. وتلقي القبض على المجرمين السوريين أو المخالفين للقوانين. هذا الأمر يعطي عبرة لكل من يعتبر، سواء أكان سورياً أم لبنانياً أيضاً.
ثالثاً، رفضُ تشريع وجود السوريين الذين لا تنطبق عليهم صفة اللاجىء السياسي، إطلاقاً. اللاجئون الشرعيون، يجب أن يدفعوا للدولة المضيفة، الرسوم المالية والضرائب اللازمة. أما اللاجىء الاقتصادي، فيجب وضع حدّ لدخوله، واستبدالُه بعامل لبناني. اللبنانيون المحتاجون صاروا يعملون في كل شيء بعدما كانوا يستحون أو يتكبّرون على بعض المهن.
رابعاً، على السوريين أنفسهم أن يكونوا قدوة لغيرهم من السوريين المقيمين. يجب أن يحافظوا على النظام العام، وعلى عادات لبنان، وعلى جيرانهم اللبنانيين. الصيت الطيب لأي إنسان، وحسن أخلاقه، تُحبّب الناس به. الالتزام في المسكن والعمل. وإلغاء الانتقال عبر الدراجات النارية المؤذية للركاب أنفسهم، وللسيارات، وللمُشاهد.
كلّ هذا يثير مشاعر اللبنانيين، ويؤجج لحالة عاطفية تسمّى الغضب، ثم الكره.
السوريون إخوان لنا، لكن في الوقت نفسه، لا نقبل بانتهاك القوانين، ولا حمل السلاح خارج إطار الدولة اللبنانية، ولا إطلاقِ النار على السفارة الأميركية، ولا إثارةِ المشاكل، ولا تغيير ديموغرافية لبنان. لبنان غارق في مشاكل هائلة سواء في جنوبه أو في دولته أو في ما يُسمّى «المصارفَ» فيه.
أيها الإخوان السوريون، كونوا عوناً لنا في لبنان، لا همّاً علينا.