حضّر وزير الاقتصاد راوول نعمة منذ فترة للحكومة اقتراحا لتعديل آلية الدعم على المازوت والبنزين، سرعان ما حاول التنصل منه مساء أمس بعد أن اثار ردود فعل. ولكن على ماذا يقوم الاقتراح؟

بالنسبة لمادة البنزين تحديدا، تقوم الآلية على ايقاف الدعم على ان تستند الاسعار في محطات الوقود الى سعر الدولار في السوق كما يحدده المصرف المركزي، على أن يتمّ اعطاء قسائم شراء بالليرة لسائقي المواصلات العامة وذوي الدخل المحدود (وبالمناسبة لا احصاء رسميا بعد يحدّد ذوي الدخل المحدود بعد الازمات المتلاحقة وفي ظلّ طفرة في البطالة ومعدلات الفقر).

أما قيمة القسائم بحسب الاقتراح فتعتمد على فرق السعر المدعوم وسعر السوق ونوع المركبة المسجلة والمؤمّنة على اساس عدد الكيلومترات المقطوعة بفضل GPS مثبت في السيارة (وبالمناسبة هذا يشكّل كلفة أيضا! فمن سيشتري الاجهزة وعلى حساب من؟ّ!)

أمّا موعد بدء سريان القرار بحسب الاقتراح، فالأوّل من آب.

تخيّلوا اذا السير بهكذا اقتراح، ولنفترض أن سعر صفيحة البنزين بلغ 60 أو 70 ألفا، ربطا بسعر صرف السوق.. نذكر اعضاء الحكومة الكريمة، أن الحد الادنى للأجور لا يزال يبلغ 675 ألف ليرة لبنانية. مثلا، راتب يبلغ حوالي 700 ألف ليرة، قد يكفي صاحبه 10 مرّات لا أكثر لملء خزان وقود سيارته. بتعبير آخر لن يكفي الراتب الموظفين للذهاب للعمل حتّى. أو سيضطر هؤلاء الى استخدام نقل عام وما ادراكم ما النقل العام في لبنان! قد لا يبلغون عملهم في الوقت، أو لا يصادف مرور سيارة أجرة لساعة أو اثنتين. قد لا يكون الامر حتّى متوفرا لهم في المناطق النائية مثلا! ولم نتحدّث بعد عن تغيّر أسعار السلع، ولا عن المواد الغذائية ولا عن الايجارات والهموم المعيشية والحياتية!

تفكّر الحكومة بشكل سليم حين تعتبر أن الدعم استفاد منه الاغنياء اكثر من الفقراء. حسنا. الحلّ ليس بسحب الدعم واستبداله بقسائم توزّع بطريقة اعتباطية في ظلّ غياب الارقام والدراسات والمسوحات المتعلقّة بحجم البطالة والفقر ودخل الاسر في لبنان. كان الاجدى بالحكومة وبالسلطات المتعاقبة قبل ذلك، ان تعدّل النظام الضريبي، وأن تقوم باصلاحات بنيوية.

30 عاما من القرارات الاعتباطية.. كان على الحكومة أن تغيّر النهج.