نداء الوطن
العميد المتقاعد مارون توفيق خريش
ألم يتضح للعالم كله أنّ هدف اسرائيل هو إبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره ونقله إلى دول أخرى كمرحلة من مراحل تصفية القضية الفلسطينية؟
القصف الجوي والبحري يدمر بطريقة ممنهجة كل مدن قطاع غزة. ومهما طال زمن العمليات الإجرامية فإنّ العالم سيقف وقفة المتفرج. ويزداد كل يوم حجم الدمار وعدد الضحايا والجرحى. ولغاية الآن ليس هناك طرح جدي لكيفية الخروج من المأزق الذي أوقعت "حماس" الشعب الفلسطيني به. أقول هذا ليس للتقليل من جسارة وقوة وشجاعة منفّذي عملية طوفان الأقصى وانما من باب وجوب ترافق العملية التي قاموا بها مع عملية كبيرة يقوم بها العظيم من القوى العسكرية على مستوى عديد فرقة على الأقل، مدعومة بالطيران والمدفعية البعيدة المدى، ضد غلاف غزة وربما ضد كل القوات المنتشرة على مساحة فلسطين المحتلة. لأنّ عملية الإغارة هي عملية هجومية لا يمكن أن تكون عملية منفردة بذاتها.
فغزة اليوم واقعة تحت وطأة إبادة جماعية يتحمل مسؤوليتها في الدرجة الأولى العدو الاسرائيلي الغني عن التعريف في مجال القتل والتدمير وتفريغ الأراضي للاستيلاء عليها، وفي الدرجة الثانية التقاعس العربي عن التدخل لوقف هذه الجريمة ووضع الحل للمشكلة الفلسطينية على السكة الصحيحة التي تحفظ الحقوق الطبيعية والمشروعة للشعب الفلسطيني من دون الخوف من التدخل الأميركي الذي في حال إتفاق الدول العربية على حل ما، لن يستطيع الوقوف في وجه الاجماع العربي ولا يخاطر في خسارة المكتسبات التي حققها في العراق وسوريا والخليج وخصوصاً صداقة المملكة العربية السعودية. وعلى الأخص الحؤول دون عودة التأثير الإيراني بعد التقارب العربي- الإسرائيلي وتطبيع العلاقات بينهما.
الكل يعلم أنّ الشعب الفلسطيني تجري ابادته. والحرب ليست لاجتثاث "حماس" لأنّها قلّة بين مليونين ونيّف. ويظهر مثل وضوح الشمس ما يستهدفه القصف الإسرائيلي في غزة. والعالم يعرف أنّ المستشفيات ليست مراكز لحركة "حماس" ولا يمكن أن تكون كل الأبراج السكنية مقرات لها. فإسرائيل تلعب "عالمكشوف" وما الطلب من مصر إستقبال الفلسطينيين في سيناء والطلب إليهم النزوح جنوباً إلا دليل قاطع على ذلك.
قد يتبادر إلى الذهن إزاء ما تقدم تحليله أنّ الحل قد يكون في فتح الجبهة مع لبنان ودخول "حزب الله" في القتال. إنّ مقارنة ميزان القوى بين "حزب الله" والقوات الإسرائيلية مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية يظهر جلياً أنّ الميزان يميل بشكل واضح إلى جانب إسرائيل وحليفها الأميركي. وقد تعمّدتُ عدم ذكر حلفاء "الحزب" كإيران وسوريا لعلمي انهما لن تتدخلا وسوف تتركان "الحزب" ولبنان عرضة للتدمير ومن دون مساندة فعلية على الأرض كما يجري الآن في غزة. فيكون تدخل "الحزب" عندها خطأً تكتياً واستراتيجياً لا اعتقد أنّ قادة "الحزب" سوف يرتكبونه.
الحل بالعمل العربي المشترك الذي يكفي أن يكون قراراً مشتركاً مدعوماً بالتهديد بدخول الجميع بالحرب إذا لم تستجب الحكومة الإسرائيلية. العدو يتمادى بأعماله الإجرامية والدمار يزداد وأعداد القتلى تتضاعف والوقت ليس لصالح وجود القضية الفلسطينية.