نداء الوطن
تلاشت أجواء الهدوء، حتى منطقة النبطية سادها الحذر، بالرغم من بقائها في منأى عن القصف، غير أنّها صارت وجهة أساسية لمن هربوا من جحيم الحرب المرتقبة. كثر من أبناء المنطقة الحدودية لجأوا إليها، لذلك دخلت فعلاً في أتون التحضير للحرب المحتملة.
في حرب تموز 2006٦ كانت المنطقة في قلب المعركة، نالت نصيبها من الدمار والخراب والتهجير، ما زالت بعض قراها، وتحديداً قرى: ارنون، يحمر، الزوطرين، تواجه خطر انفجار القنابل العنقودية حتى اليوم، مئات القتلى وقعوا ضحية هذه الحرب. اليوم يستعيد أبناء النبطية ملامح الحرب الماضية، لذلك أوعزت محافظة النبطية بالتكليف الدكتورة هويدا الترك إلى البلديات لرفع جهوزيتها، وإحصاء أعداد الوافدين إليها مع تحديد الأولويات. حتى الساعة لم يقم أي تجمّع لإيواء النازحين، فالوضع ما زال تحت السيطرة، غير أنّ القوى الحزبية تعدّ العدّة وتحصي الأعداد، مع بعض التقديمات البسيطة، اقتصرت في هذه المرحلة على بعض الفرش والحرامات.
ولم يسجّل أي تدخّل طارئ لمنظمات المجتمع المدني أو ما يعرف بالـNGOs، التي ما زالت تنأى بنفسها عن أي تدخّل، لم يتخذ القرار بعد، وهذا ما أشارت اليه الترك حيث لفتت إلى «التواصل مع بعض منظمات الـNGOs لنرى مدى الجهوزية للتدخّل»، وعقّبت قائلة «ننتظر الجواب عن مدى جهوزيتها لناحية التقديمات ونوعية الخدمات».
تتولى الترك ادارة خطة الطوارئ التي وضعت لمحافظة النبطية، وترى أن الوضع في النبطية ما زال تحت السيطرة، خلافاً لقرى مرجعيون وبنت جبيل وحاصبيا، حيث ارتفعت نسبة النزوح ارتفاعاً كبيراً، وترى أن ضغط النازحين ليس كبيراً على منطقة النبطية، «لم نضطر بعد لفتح مراكز للإيواء، وقد طلبت من بلديات المنطقة العمل على توفيرها، ومعظم الوافدين نزلوا إمّا في منازل أقرباء لهم أو استأجروا منازل». بالطبع حاولت الترك الانقضاض على حالة الفلتان التي سادت قطاع تأجير المنازل، إذ أصدرت تعميماً قضى وفق قولها بتكليف البلديات ضبط الأمر والحدّ من حالة الاستغلال القائمة، والعمل على إبقاء الايجارات ضمن المنطق، على حدّ تعبيرها. لا إحصاء دقيقاً لأرقام النازحين في منطقة النبطية، والعمل جار في إدارة وحدة الكوارث لوضعه، من المرجّح أن يصدر تقرير رسمي بالأعداد بدءاً من السبت، وسيتمّ ربطها مباشرة بإدارة وحدة الكوارث في وزارة الداخلية، كما تقول الترك.
يبدو أنّ مرحلة جديدة من التحضير للأسوأ دخلتها محافظة النبطية أسوة بمحافظة صور التي بلغ عدد النازحين فيها حوالى 4700 نازح، وفقاً لإحصاء إدارة وحدة الكوارث فيها، حيث يتمّ تقديم بعض الخدمات الصحية والطبية لهم، ولا سيما الأدوية المزمنة. وفي هذا الاطار، تقول الترك «إنّ مراكز الرعاية الأولية التابعة لوزارة الصحة ستتولى توزيع الأدوية على النازحين الذين يعانون أمراضاً مزمنة ضمن الخطة الوقائية».
بالمحصلة، دخلت النبطية في قلب المعركة، ولو «عالخفيف»، رُسم «سيناريو» خطة التدخل المفترضة، وتتمنّى الترك أن تبقى خطة ولا تدخل حيّز التنفيذ، ولكن الجنوب دخل فعلياً مرحلة جديدة من المعركة، وإن بقيت ضمن خطوط الردع.