صونيا رزق - الديار
لم يكن ينقص القطيعة السائدة منذ فترة بين "التيار الوطني الحر" وحزب الله، سوى دخول الوزير السابق جهاد أزعور على الخط بينهما، عبر تصويت اكثرية نواب تكتل "لبنان القوي" له في الجلسة الرئاسية الاخيرة، التي قضت على ما تبقى من سلام وكلام بين الطرفين، او بالاحرى على شعرة معاوية التي ُقطعت بسبب أزعور، بعد دخول "التيار" على الخط المعارض فقط لهذا الامر، لانّ الخلافات السياسية كبيرة مع هذا الخط الذي لطالما كان خصماً كبيراً في السياسة، لكن الاستحقاق الرئاسي جمعهما لفترة وجيزة بالتأكيد قابلة للتغيير، حين ستظهر معطيات رئاسية جديدة ستطلق العنان لخيار ثالث، تحدث عنه رئيس "التيار" فور انتهاء جلسة الاربعاء الشهيرة، التي اوضحت حجم كل مرشح. وبالتالي اطلقت مفاجآت عديدة لم تكن بالحسبان، من ناحية عدد الاصوات التي نالها المرشحان فرنجية وأزعور، إضافة الى مطلقي الشعارات الوطنية على اوراق التصويت، فضلاً عن الاوراق البيضاء التي لا تغيب عن اي جلسة رئاسية منذ تشرين الثاني الماضي.
الى ذلك، تقول مصادر مراقبة للعلاقة بين الطرفين، انه وعلى الرغم من توالي الهزّات السياسية على علاقة التيار وحزب الله منذ اشهر، فانها بقيت ضمن الاطار المعقول للهزات، اي لم تتحول الى زلازل، وهي لطالما بقيت صامتة من دون اصوات مزعجة، فلا ردود ولا تراشق بل صمت مريب، يسكت خلاله نواب الطرفين، لكن ومنذ فترة علت اصوات بعض نواب "التيار الوطني الحر"، وبعض المسؤولين المعارضين لرئيسه باسيل، لتطلق السهام في اتجاه حزب الله، فكانت تغريدات من بعض صقور التيار البرتقالي، التي ساهمت في تكبير الشرخ مع الحزب، لكن من دون ان يعاتب او يسأل كيلا يساهم في تفاقم الوضع.
واشارت المصادر نفسها الى ان بعض حلفاء الحزب نقلوا بالواسطة وبالرسائل الشفهية ذلك الغضب المستتر، فقام رئيس الجمهورية السابق ميشال عون بضبط الوضع، وسانده في ذلك النائب باسيل، عبر إرسال الغزل من فترة الى اخرى، وسط شائعات بأنّ الاخير التقى رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، فيما الحقيقة ووفق المعلومات فإن الرجلين لم يجتمعا، فيما المصلحة تقتضي بحصول هذا الاجتماع خصوصاً بالنسبة لباسيل، الذي لم يغب عنه بعد حلم الرئاسة، على الرغم من العقوبات الاميركية التي تطوّقه، والتي كانت من ابرز الاسباب التي الحقت الضرر بعلاقة الفريقين، بعد ان وصلت الى اذهان حزب الله تأفف باسيل من تلك العلاقة، التي وضعته في مغطس سياسي يصعب بعده تحقيق الحلم الرئاسي حتى اشعار آخر.
في غضون، ذلك رأت مصادر سياسية مقرّبة من الفريقين، بأن ما يجري بينهما لا يمكن وصفه بغيمة صيف عابرة، لان تلك الغيمة مستمرة على ما يبدو، مع ضباب كثيف وامطار غزيرة وسيول وحتى طوفان ربما، فالكيل طفح ولم يعد "التيار" يفهم على الحزب والعكس صحيح، لافتة الى انّ ايام التفاهم الموقع في شباط من العام 2006، قد ولّت ولم تعد العلاقة بينهما متينة، وبالتالي لم يعد لزمن الاتفاقات موقع، ما يؤكد أن ذلك التفاهم كان يقضي على العواصف حين تهب، مهما اشتدت على عكس الوضع مع الاطراف الاخرى، خصوصاً من ناحية "التيار" الذي يعاني من تدهور الوضع السياسي مع العدد الاكبر من الاحزاب، حيث العلاقات في أسوأ حالاتها، وإن جمعتهم مصيبة الرئاسة ومرشحها، كذلك الامر مع الرئيس نبيه بري، لينضم اليهم في العلن حزب الله، اي آخر حلفاء التيار البرتقالي.
وتقول المصادر ان "الوطني الحر" يبحث منذ مدة عن حليف جديد فلا يجده، لذا سيعمل باسيل منذ اليوم وفق المثل الشائع "إحفظ قديمك لان جديدك لا يدوم لك"، اي ضرورة الحفاظ على خط الرجعة مع الحزب. وفي السياق ووفق المعلومات، بدأ باسيل بمهادنة الحزب، والاخير طلب وقف الهجوم العلني عليه والمستتر والخفي من قبل اي نائب او مسؤول لديه، او عبر المحازبين والمناصرين على مواقع التواصل الاجتماعي. وتسأل المصادر: "هل تعود المياه الى مجاريها انطلاقاً من هذه المهادنة؟ او يكون المرشح أزعور سبب القطيعة النهائية بين الحليفين السابقين؟ او يتجه باسيل نحو خيار ثالث يخفف من وطأة الخلاف نوعاً ما"؟