محمد علوش - الديار
حصلت الجلسة الـ 12 لانتخاب رئيس للجمهورية على اهتمام يكاد يفوق الجلسة الأولى، وأثبتت توازناتها استحالة إنهاء الفراغ بقرار داخلي، ورغم عدم جدية ترشيح جهاد أزعور من قبل داعميه أولاً، إلا أنه لا يمكن اعتبار ما قبل الجلسة كما بعدها، وهناك من يقول ان ترشيحه حقّق هدفه وأكثر.
بعد حديث رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الواضح عن خطوة دعم ترشيح أزعور، وعدم اقتناع أحد من داعميه بإمكان وصوله الى رئاسة الجمهورية، وحتى التلميح لكون الدعم انتهى مع انتهاء الجلسة، يصبح من المفيد الحديث عن هذه التجربة التي لم يتعدّ عمرها الشهر، ما هي تأثيراتها في المعركة الرئاسية. فعلى الرغم من القراءات المختلفة التي تظهرها القوى التي تقاطعت على دعم ترشيح أزعور لرئاسة الجمهورية، في ظل حالة عدم الثقة فيما بينها، لا يمكن تجاهل التداعيات التي تركتها جلسة الانتخاب الأخيرة على الاستحقاق الرئاسي، نظراً إلى أنها كانت كاستطلاع بالأرقام حول التوازنات القائمة في المجلس النيابي الحالي.
إنطلاقاً من ذلك، يمكن الحديث عن أن التقاطع على أزعور حقق هدفه الأساسي، أي إظهار أن رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، المدعوم من قبل قوى الثامن من آذار، لا يحظى بالعدد اللازم من الأصوات لانتخابه، سواء كان في دورة الاقتراع الأولى أو دورة الاقتراع الثانية، على عكس ما كان الفريق الداعم لترشيحه يُردد، وبالتالي ساهم في تراجع حظوظه، أو على الأقل أنتج واقعاً لا يمكن تجاوزه خلال أي حوار مقبل.
حقّق ترشيح ازعور هدفه، تقول مصادر سياسية معارضة، ولو أن التجربة لم تعمّر طويلاً، مشيرة الى أن أبرز الأهداف الى جانب تخطي فرنجية في السياق الانتخابي داخل الجلسة، كانت جمع المسيحيين وتقريبهم رئاسياً، وهو ما يمكن اعتباره تجربة أولية ناجحة يمكن البناء عليها، وحشر "الثنائي الشيعي" الذي فقد الحليف المسيحي، وأظهره وحيداً ضمن تحالفات سياسية قديمة وجديدة، والأهم من ذلك كشف الموقف السعودي الحقيقي الذي جاء على شكل موقف حيادي بانتظار ما هو مقبل.
كذلك تكشف المصادر أن تجربة ازعور ساهمت في تقوية الموقف السعودي على حساب المقاربة الفرنسية، التي كانت تنطلق من كون فرنجية هو المرشح الأكثر واقعية، فجاءت تجربة أزعور لتؤكد أن الواقعية انكسرت بانتظار الحوار، الذي أصبح الحل الواقعي لإنهاء الفراغ الرئاسي.
في المقابل، هذا لا يعني أن فرص فرنجية انتهت بشكل كامل، نظراً إلى أن قوى الثامن آذار أكدت الاستمرار في ترشيحه، لا سيما أنه يحظى بدعم كتلة صلبة من الأصوات، وبالتالي من المفترض انتظار المرحلة الجديدة من الاتصالات، التي يغلب عليها الطابع الدولي، لمعرفة ما إذا كانت هذه القوى تقبل التفاوض على خيار ثالث، أم أنها ستعيد تكرار ما حدث في العام 2016، أي التمسك بالترشيح إلى حين رضوخ الآخرين لهذا الخيار، وهو ما يبدو بحسب المعطيات غير وارد هذه المرة، بسبب حساسية المرحلة وطبيعة الانقسامات والتوازنات، ومستقبل المنطقة والتسويات التي تركب فيها.