فادي عيد - الديار
لا يختلف اثنان، على أن مهمة الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الوزير السابق جان إيف لودريان في بيروت، لن تكون كسابقاتها من المهمات الديبلوماسية، وإن كان لودريان لا يحمل معه ورقة عمل خاصة بالحل أو التسوية للأزمة الرئاسية. ووفق مصادر ديبلوماسية مواكبة، فإن مهمة الموفد الفرنسي ترتدي طابعاً خاصاً، كونها تتزامن مع عملية خلط أوراق إقليمية، وهو ما يسمح باعتبارها محطةً فارقة في مسار المقاربات الفرنسية للأزمات اللبنانية، وذلك منذ بدء الانهيار المالي في العام 2019 إلى اليوم، وليس فقط في مرحلة الشغور الرئاسي الذي ينهي شهره الثامن في الأسبوع المقبل.
وإذا كان النجاح لم يحالف الموفد الفرنسي المخضرم في مهماته السابقة في بيروت، خصوصاً لجهة حثّ القوى الداخلية على تنفيذ إصلاحات، وإقرار خطة تعاف وتوقيع تفاهم مع صندوق النقد الدولي، فإن المصادر الديبلوماسية ترى أن المعطيات من جهة والظروف الدولية والإقليمية من جهةٍ أخرى قد تبدّلت اليوم، وسلوك ملفات المنطقة المستعصية طريق الحلول قد ينسحب، وفي لحظة غير متوقعة، على المشهد السياسي اللبناني الداخلي، على الرغم من أن موفد ماكرون، لن يتحدث أمام زواره ومدعويه إلى الغداء في سفارة بلاده يوم الجمعة، عن تفاصيل القمة الفرنسية – السعودية الأخيرة في باريس، كما أنه لن يجيب عن السؤال المحوري المتداول في لبنان، وهو يتعلق بالموقف الفرنسي من الاستحقاق الرئاسي، وما إذا كانت قد طرأت عليه أي تعديلات نتيجة الحوارات الإقليمية الناشطة راهناً.
لكن الموفد الرئاسي الفرنسي، تقول المصادر نفسها، لن يجيب عن أسئلة المسؤولين السياسيين والحزبيين كما المرجعيات الروحية التي سيجتمع بها، كما لن يوافق على الأسباب أو المبررات التي سيستمع إليها، في معرض الأجوبة التي سيتلقاها على أسئلته حول استمرار الشغور الرئاسي وفشل النواب في انتخاب رئيس للجمهورية بعد 12 جلسة إنتخابية.
ومن ضمن هذا السياق، فإن الثابت أن الزيارة بحد ذاتها تضع الملف الرئاسي أمام مرحلة جديدة، كما توضح هذه المصادر، والتي تُذكّر بمقاربة لودريان وخطابه السياسي الصريح، وصولاً إلى الضغط على كل الأطراف من دون أي استثناء، من أجل حملهم على التراجع خطوةً إلى الوراء عن سقوفهم العالية. وبالتالي، وبمعزلٍ عن التوقعات التشاؤمية، فإن المصادر نفسها، تجزم أن لودريان يحمل جديداً إلى بيروت، وهذا هو عنوان وسبب زيارته، التي تتمّ في أجواءٍ من القلق "المفهوم" والواقعي، من احتمال بروز عقبات أمام عملية تدوير الزوايا وإطلاق الحوار بين كل القوى السياسية الداخلية، التي سيقوم بها لودريان، وسوف تكون محطتها الأولى السفارة الفرنسية، التي تستضيف غداً الجمعة لقاءً سياسياً موسعاً على طاولة غداء، وستكون شبيهةً إلى حدٍّ بعيد بطاولة الحوار، ولو بصورة غير مباشرة ومن دون قرار أو خارطة طريق حوارية وأوراق عمل، خاصة بالحلول السياسية والاقتصادية، ذلك أن لودريان قد واكب مرحلة المفاوضات الأولية مع صندوق النقد الدولي.