دوللي بشعلاني - الديار
يُعوّل على نتائح "يوم الرياضة الروحية والصلاة" الذي دعا اليه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي النوّاب المسييحيين، ووعدوا تباعاً بتلبية هذه الدعوة. وإذ يُعقد اليوم المسيحي الرياضي المنتظر يوم الأربعاء في 5 نيسان المقبل، الذي يُصادف أسبوع الآلام لدى الطوائف الغربية، يأمل الكثيرون أن يُلهم الروح القدس النوّاب المشاركين فيه، إسم رئيس الجمهورية المقبل الذي بالإمكان التوافق عليه. فإذا حصل هذا الأمر، رغم تباين المواقف، لا سيما بعد الإتفاق السعودي- الإيراني الذي لم تظهر أي من تداعياته الإيجابية على الساحة اللبنانية حتى الآن، فإنّ النوّاب المسيحيين يكونوا بذلك قد قطعوا نصف الطريق نحو خروج الدخان الأبيض من مجلس النوّاب. أمّا في حال لم يحصل أي توافق، فيكون البطريرك الماروني على الأقلّ قد استفتى شخصياً مواقف الكتل النيابية المسيحية من الإستحقاق الرئاسي، مع محاولته االتقريب في وجات النظر.
مصادر سياسية عليمة تجد في لقاء بكركي الروحي، فرصة مهمّة أمام المسيحيين ليجتمعوا معاً وليُقرّروا أي رئيس جمهورية يريدون، والى أي مرشّح يُمكن أن تميل الكفّة في حال اتفاقهم على مواصفات الرئيس. فالمعارضة المسيحية التي سمّت رئيس "حركة الإستقلال" النائب ميشال معوّض طوال جلسات الإنتخاب الـ 11 الماضية، أعلنت على لسان بعض قياداتها عن عدم التمسّك بمعوّض، غير أنّها في الوقت نفسه لم تُسمّ أي مرشّح آخر حتى الآن لمنافسة مرشح "الثنائي الشيعي" الوزير السابق سليمان فرنجية. لهذا فإنّ الحوار بين هذه الكتل المسيحية بات ضرورياً وملحّاً للتوافق على إسم مرشّحها، تلافياً لتكرار سيناريو الجلسات الإنتخابية السابقة.
وتقول المصادر بأنّ لقاء بكركي إذا توصّل الى تحقيق اتفاق بين "التيّار الوطني الحرّ" و"القوّات اللبنانية" كونهما أكبر كتلتين مسيحيتين على إسم مرشّح معيّن، فإنّهما بذلك يختصران الطريق أمام الإستحقاق الرئاسي.. فبإمكانهما عندها الذهاب نحو الفريق الآخر وطرح إسمه للحوار حوله أو حول المواصفات المشتركة التي يُمكن أن يجدوها فيه، ومن ثمّ الذهاب الى مجلس النوّاب لانتخاب الرئيس. وعندها يجري التنافس بين هذا المرشح وبين مرشّح "الثنائي الشيعي"، ويفوز عندها مَن يفوز.
فالمهم أولاً، أن يكون للمسيحيين، لا سيما الأكثرية المسيحية مرشح معيّن، على ما أضافت المصادر نفسها، يُنافس مرشح "الثنائي الشيعي" أو يفتح باب الحوار بين الفريقين للخروج بإسم مرشّح ثالث يجمع بمواصفاته بين رؤية كلّ من الفريقين للمرحلة المقبلة، على ألّا يخشى أي فريق من الآخر أو من تمسّكه بموقفه، خصوصاً وأنّ دعم "الثنائي الشيعي" لفرنجية، وإن كان ثابتاً وقويّاً، غير أنّه منفتح على الحوار والنقاش، على ما أكّد كلّ من رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
من هنا، فإنّ المعركة الرئاسية لم تعد تقتصر على البوانتاج كما ترى المصادر، لأنّ الكتل النيابية قد أعلنت عن مواقفها من المرشّحين المتداول بأسمائهم، فيما لم يعد المطلوب تأمين 65 صوتاً لانتخاب الرئيس، فيما تكمن المشكلة الأساسية في تأمين النصاب القانوني لجلسة الإنتخاب أي 86 صوتاً. ويُدرك كلّ من الفريقين أنّه غير قادر على تأمينها بمفرده. من هنا، فإذا أراد "الثنائي الشيعي" استقطاب إمّا "التيّار" أو "القوّات" للتصويت لفرنجية، أو على الأقلّ لتأمين نصاب الثلثين للجلسة، فإنّ الكتلة المسيحية الأخرى المعترضة ستبقى خارج "هذه التسوية"، الى ما بعد انتخاب الرئيس. أمّا في حال قرّرت الكتلتان مقاطعة الجلسة، أو تعطيل النصاب القانوني للجلسة، فإنّ الرئيس لا يُمكنه أن يُنتخب.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، على ما عقّبت المصادر عينها، كيف سيكون أداء الكتلة المسيحية الكبرى التي ستبقى خارج التوافق ما بعد انتخاب الرئيس، وما سيكون عليه موقفها منه؟ وهل سيؤدّي ذلك بالتالي الى تعطيل العهد وضربه، على ما حصل خلال عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون؟ وهل من المفيد لرئيس الجمهورية المقبل، أياً يكن، بقاء كتلة مسيحية تُمثّل نصف المسيحيين معترضة على وصوله الى قصر بعبدا؟ ولهذا تُرجّح المصادر بأن تحصل التسوية الداخلية، لا سيما بعد التقارب السعودي- الإيراني الأخير، من دون أي ضغوطات خارجية، لأنّ وجود "مرشّح مواجهة وتحدٍّ" على سبيل المثال، من هذا الفريق أو ذاك، لم يعد ملائماً للتغيّرات الإقليمية والدولية التي ستفرض نفسها على لبنان والمنطقة بقوّة خلال المرحلة المقبلة.
من هنا، أكّدت المصادر أنّ المسيحيين يعيدون حساباتهم اليوم، وسيصفّون أذهانهم في اليوم الرياضي الروحي في بكركي للخروج بتوافق على مرشّح رئاسي منفتح على الجميع في الداخل والخارج، ويملك المواصفات التي من شأنها إعادة لبنان الى الخارطة العربية والدولية، وعودة الثقة بلبنان كبلد قادر على إدارة نفسه بنفسه، وعلى تحسين وضعه الإقتصادي والمالي المنهار. وكلّما كانت مواصفات المرشّح تقرب من المواصفات التي يطلب الفريق الآخر وجودها في رئيس الجمهورية المقبل، كلّما قربت المسافة نحو دعوة برّي الى جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية.
فما يُثني برّي حتى الآن عن الدعوة الى الجلسة الـ 12 لانتخاب الرئيس، على ما شدّدت المصادر نقلاً عن مقرّبين من عين التينة، هو بقاء الجميع على متاريسهم، أي على مواقفهم نفسها، ما يجعل انتخاب الرئيس صعباً حتى ولو اجتمعت كلّ دول العالم. لهذا فمسؤولية النوّاب الإتفاق أولاً، والقيام بواجباتهم من خلال عدم تعطيل النصاب القانوني للجلسة ثانياً، لا سيما مع وجود أكثر من مرشح للرئاسة. فهذا الأمر يُشجّع برّي على الدعوة الى جلسة انتخاب الرئيس فور نضوج التوافق بين غالبية النوّاب..
وتأمل المصادر نضوج التسوية خلال لقاء بكركي، لكي تتمّ الدعوة بعد ذلك الى جلسة لانتخاب الرئيس، سيما وأنّ عدم عقدها يبقى أفضل من الجلسات الفولكلورية التي تحصل ولا تؤدّي في نهايتها الى أي انتخاب جدّي لرئيس الجمهورية. ولهذا ينتظر برّي الظروف الملائمة للذهاب الى جلسة حضور جدّي للنوّاب لا يشوبها أي تعطيل للنصاب القانوني من قبل أي كتلة نيابية، لا سيما بعد إفصاح الفريق المسيحي عن إسم مرشّحه الفعلي للرئاسة، وعدم اقتصار موقفه على رفض إسم مرشّح "الثنائي الشيعي"..