فادي عيد - الديار
لن يكون اللقاء الروحي في بكركي منطلقاً لعودة التفاهمات المسيحية ـ المسيحية على غرار اتفاق معراب أو سواه، بحيث الجميع أراد أن يلبي رغبة البطريرك الماروني بشارة الراعي لعقد هذا اللقاء، فيما راهن البعض على عدم تجاوب حزب "القوات اللبنانية" وامتناعه عن المشاركة، لكن "القوات" وبحسب مصادرها لن تعطي "التيار الوطني الحر"، وتحديداً رئيسه جبران باسيل، أي فرصة ليقول للمسيحيين "ها أنا قد ذهبت إلى بكركي ولبّيت دعوة البطريرك الراعي، فيما "القوات" هي من رفضت المشاركة وتعطيل الإستحقاق الرئاسي"، لذا، فإن "القوات"، تضيف المصادر فوّتت فرصة على "التيار الوطني الحر" يمكن أن يستثمرها سياسياً وشعبياً، ولا سيما داخل الصف المسيحي.
وعلى خطٍ موازٍ، فإن باسيل وتياره بشكل عام، وفي ظل خلافاته وتبايناته الكبيرة مع حلفائه، والخلاف مع غالبية الوسط السياسي، ومن كل شرائح المجتمع اللبناني، يدرك أنه لم يعد لديه هامش الوقت للمناورة السياسية، وعلى هذه الخلفية بدا متحمساً منذ لحظة الحديث عن رغبة البطريرك الراعي لانعقاد مثل هذا الإجتماع، وبناء عليه، فإن المعلومات تؤكد بأن رئيس "التيار الوطني الحر" لن يطرح أي إسم لرئاسة الجمهورية، وسيبقي على ورقته إلى حين إدراكه بأن التسوية قد باتت قريبة، وهذا ما ينقل عنه من خلال بعض النواب المقرّبين منه، وحيث أن معظمهم على دراية تامة بأنه لن يرشِّح أي أحد من تكتل "لبنان القوي"، لأن باسيل يعمل على هامش الوقت، لإدراكه بأن ثمة إستحقاقات ومعطيات قد يكون لها الأثر الإيجابي على خط الإستحقاق الرئاسي، لا سيما التقارب السعودي ـ الإيراني، إضافة إلى زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو وأبو ظبي، وإمكانية وصول موفدين من الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني إلى بيروت.
وتقول المعلومات انه قد تكون وصلت لرئيس "التيار البرتقالي" بعض الإشارات حول ما جرى في باريس، بعدما تسرّب أن هناك "فيتو" على وصول رئيس "تيار المردة" سيلمان فرنجية إلى سدة الرئاسة الأولى، وهذا ما يعوّل عليه، على اعتباره انه الرافض بحزم لوصول فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون، كونهما يأكلان من صحنه شمالاً، ولان مستوى بنية "التيار الوطني الحر" المكوّنة من دعم المؤسّسة العسكرية في حقبة الثمانينات إلى اليوم. لذا، يُتوقع بأن يرفض باسيل وأمام البطريرك، كل من قائد الجيش وفرنجية، ولكنه لن يسمي أي مرشح، وتحديداً من تكتل "لبنان القوي"، إذ بات محسوماً عدم توجّهه لترشيح أي نائب من التكتل.
وفي هذا الإطار، ينقل بأن اللقاء الأخير في باريس بحث في مسألة الصندوق السعودي ـ الفرنسي أكثر بكثير من تناوله ملف الإستحقاق الرئاسي، بل كل ما جرى هو نقاش أو خارطة طريق رئاسية، على أن يُحسم هذا الموضوع خلال اجتماع الدول الخمس، وعندها قد تُرفع توصيات هذا اللقاء لتبليغ المسؤولين اللبنانيين بمضمونها، إن من خلال زيارة موفد فرنسي إلى بيروت، أو عبر سفراء هذه الدول المعتمدين في لبنان. وبالتالي، يتبين أمام هذه الأجواء والمشهدية السائدة اليوم، أنه ليس في الأفق ما يشي بأن الإستحقاق الرئاسي يتّجه إلى الحلحة قبل بلورة المقاربات الجارية في المنطقة، ومن ثم ما ستؤول إليه بعض المحطات الداخلية، وتحديداً لقاء بكركي الروحي الذي يعوّل عليه، نظراً لحضور كل المكوّنات المسيحية، ومن كافة الإتجاهات، وعلى هذه الخلفية فإن المعنيين الآخرين كـ"الثنائي الشيعي" ورئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط، يترقبون نتائج لقاء الصرح البطريركي ليبنوا على الشيء مقتضاه، ودون ذلك ليس ما يدل على أي خرق قبل هذا التوقيت، ومعرفة نتائج الإتصالات الجارية على قدم وساق في الداخل والخارج.