محمد علوش - الديار
يُريد رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل الطلاق مع حزب الله. هي عبارة مخففة لكلمة التقسيم او الفيدرالية التي ألمح إليها مؤخراً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلال مقابلته التلفزيونية، عندما تحدث عن تغيير التركيبة أو النظام، وهو ما يتحدث عنه أيضاً اكثر من شخصية تنضوي تحت مظلة قوى 14 آذار، حتى من «التيار الوطني الحر» الذي كان لرئيسه تلميحات مشابهة، ولو لاهداف سياسية معروفة.
يسعى جعجع من وراء خطابه الأخير إلى استغلال حالة النقمة القائمة في الشارع المسيحي، خصوصاً بعد أن كان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قد تحدث عن مخطط لإفراغ المواقع المارونية الأساسية، من أجل الاستثمار في ذلك الأمر على المستوى الشعبي، لا سيما أن طروحات إعادة النظر بالصيغة أو تركيبة النظام تلقى صداها في الشارع المسيحي العام، حيث لا يقتصر تأييدها على جمهور «القوات» و»الكتائب»، بل يشمل أيضاً قسماً لا يستهان به من جمهور «التيار الوطني الحر»، وهو ما جعل باسيل يلتحق بركب المهددين بهذا الموضوع.
بالتالي، الهدف الأساسي من وراء طرق هذا الباب هو المزايدة الشعبية، خصوصاً أن جعجع نفسه يدرك عدم توافر الغطاء الدولي لمثل هكذا طروحات، لا بل أبعد من ذلك فإن المملكة العربية السعودية، التي تعتبر الراعي الإقليمي لحزبه، ستكون أول من يتصدى لها، الأمر الذي كان قد دفعه إلى أن يكون أول المعتذرين عن دعوة السفارة السويسرية إلى العشاء قبل مدة، عندما شعر السفير السعودي في بيروت أن هناك نوايا لمناقشة اتفاق الطائف، ما يعني أن طروحاته لن تكون قابلة إلى الترجمة العملية، إلا إذا حصلت تطورات كبرى على صعيد المنطقة لا تزال حتى الآن مستبعدة بشكل كامل.
بالمقابل، تُشير مصادر قيادية في قوى 8 آذار إلى أنه «منذ العام 2005 لم ينجح جعجع في تنفيذ أي من أهدافه في السياسة، لا بل لطالما كانت خياراته خاسرة»، مشيرة الى أنه يعلم أن لا رئيس للجمهورية في لبنان «يُعادي» حزب الله، وهو يسعى بكل ما أوتي من قوة لإيصال رئيس وسطي، لا يكون محسوباً على الحزب بشكل كامل، محاولاً استعمال «التخويف» هذه المرة عبر طرح أفكار قديمة بطريقة جديدة، كالفيدرالية على سبيل المثال، أو تعديل النظام، لكن هل يكون تعديل النظام، بحال حصوله، لمصلحة جعجع وما يمثل؟ تسأل المصادر.
في السنوات الاخيرة، تضيف المصادر، تم التطرق الى مسألة النظام الجديد اكثر من مرة، وفي كل مرة كان الرفض المطلق داخلياً يأتي من الجانب المسيحي، لأن التكوين الديموغرافي للبلد، والتقسيم السياسي والخلافات المسيحية – المسيحية حول الرؤية للبنان، كلها أمور تجعل من المسيحيين الحلقة الأضعف حالياً، وأي تعديل للصيغة سيكون على حسابهم، إلا في حال كان جعجع يتخيل أو يراهن على تدخل دولي يفرض «بالقوة» شكلاً معيناً للنظام اللبناني.
إذاً، لا يوجد ما يدعم طروحات جعجع أو الجميل وحتى باسيل، لا خارجياً حيث لا اهتمام بمصالح المسيحيين أو المسيحيين بل بالمصالح الأمنية والاقتصادية، ولا داخلياً، وبالتالي لا شيء يفيد جعجع اليوم سوى التواضع السياسي والقبول بمبدأ الحوار لاجل الوصول الى حلول وسطية، تقول المصادر، لأنه في كل مرة كان يراهن على الخارج كان يخرج خاسراً، وهذه المرة لن يختلف الحال كثيراً.