كمال ذبيان - الديار
كان متوقعا ان يقبل المجلس الدستوري الطعن المقدم من المرشح فيصل كرامي عن احد المقاعد السنية في طرابلس، لانه مسند الى ارقام لم تحتسب في بعض صناديق الاقتراع، ضد الفائز النائب رامي فنج، الذي ابطل المجلس الدستوري نيابته لمصلحة كرامي الذي كان واثقا من فوزه، وقد ابلغ بعد انتهاء عملية الفرز، انه الفائز، ليفاجأ صباحا بان النتيجة جاءت لغير مصلحته، ليعيدها المجلس الدستوري اليه، وهو الذي كانت قراراته في الطعون التي اصدرها لا غبار عليها، بشهادة كل القوى السياسية والحزبية.
والمفارقة ان المسؤول الاميركي السابق في وزارة الخارجية الاميركية ديفيد شينكر، خرج بتصريح بعد انتهاء العملية الانتخابية ليسمي من خسروا بالانتخابات وهم من حلفاء سوريا، ومنهم كرامي الذي لم يكن فرز الاصوات قد انتهى في سراي طرابلس، في اشارة الى دور اميركي ما في الانتخابات.
وليست المرة الاولى التي يحكم فيها المجلس الدستوري الحالي، او من سبقه من مجالس سابقة، اذ ابطل نيابات لمرشحين، كمثل نيابة غابي المر في 4 تشرين الثاني 2002 التي طعنت فيها المرشحة ميرنا ميشال المر ضد عمها، فآلت النيابة حينها الى النائب غسان مخيبر في الانتخابات النيابية الفرعية في حزيران عام 2002 بعد وفاة النائب البير مخيبر.
والطعن الذي ربحه النائب كرامي، وكذلك النائب حيد ناصر ضد فراس السلوم، اكد على اهمية وجود المجلس الدستوري ودوره وصلاحياته في اصدار القرارات بشرعية القوانين او ابطالها، كما في الانتخابات ومسائل قانونية اخرى تدخل في اطار صلاحياته، وهذا عمل اصلاحي دخل على النظام السياسي، في بنود اتفاق الطائف حيث يطالب اصلاحيون بان تشمل صلاحيات المجلس الدستوري تفسير القوانين، ولن يسمح بذلك مجلس النواب الذي يحصره به، وهو ما يخلق اشكالا في مواد دستورية، حيث يختلف النواب على تفسيرها، كمثل النصاب الدستوري لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية بالثلثين وما بعد الجلسة الاولى.
اما في الشأن السياسي، من عودة كرامي الى مجلس النواب، ففي عداد اي تجمع نيابي سيحسب، واين سيصطف هل في ما كان يسمى قوى 8 آذار، او اعادة احياء «اللقاء التشاوري» لنواب سنة؟
يرفض النائب كرامي هذه التصنيفات التي خرج والده الرئيس الراحل عمر كرامي منها واول المبادرين للمغادرة من تجمع 8 آذارـ التي ظهرت كقوة سياسية فرضته ظروف سياسية في مرحلة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، حيث انقسم لبنان بين محورين سياسيين الاول تمثل بحلفاء سوريا وخط المقاومة مثلته 8 آذار، وفريق ثان في 14 اذار الذي ناصب العداء لسوريا ودعا الى انسحابها من لبنان، فكان الرئيس عمر كرامي السباق في الخروج من «لقاء عين التينة» الذي اصبح 8 اذار، بعد ان ترك يواجه وحيدا الحملات ضده من آل الحريري الذين مثلتهم النائبة بهية الحريري وما بعد مجموع 14 اذار فاستقال كرامي، وذهب فريق 8 اذار الى خيار عبد الرحيم مراد ثم نجيب ميقاتي وكرئيس حكومة، وفق تلك المرحلة، التي يرى النائب فيصل كرامي، انه سار على خطى والده، فبكر ايضا بالخروج من «اللقاء التشاوري» الذي كان الهدف من انشائه، اظهار وجود نسبة يمثلون نحو 35% من الطائفة السنية خارج «تيار المستقبل» و»الحريرية السياسية» التي سعت الى اقفال «بيوتا سياسية» لعائلات عربية في العمل الوطني والانتماء العربي وتبني قضية فلسطين ودعم شعبها المقاوم.
ولو لم يقبل المجلس الدستوري بطعنه ويعود نائبا، فان كرامي الابن، لم يعتزل العمل السياسي، فهو يترأس «تيار الكرامة» وله حضوره السياسي وتحالفاته، وان المؤسسات الخيرية والصحية والتربوية تعمل باشرافه مع فريق عمل، ويعود تأسيس بعضها الى زمن الجد عبد الحميد كرامي ومن ثم ابنائه واحفاده.
لذلك، فان فوزه بالنيابة تضيف موقعا في عمله السياسي، كما يؤكد في مجالسه، وهو لا يحيد ويتراجع عن ثوابت وطنية وقومية، في ابجدية السياسة لآل كرامي والتيار الشعبي الملتف حولهم، حيث يقول كرامي لـ «الديار» ان ثوابته الوطنية هي الوحدة الوطنية والحوار بين اللبنانيين حول ما يخدم لبنان الوطن والمواطن، اضافة الى مسألة العروبة المتجذرة في تاريخ آل كرامي، والمتوارثة ابا عن جد، ولا حياد عنها، اذ كانت العلاقات العربية تبدأ من دمشق الى كل الدول لا سيما الخليجية منها، التي بعضها لم يترك لبنان، ولا تنسى السعودية ودورها في اتفاق الطائف الذي اوقف الحرب في لبنان وشرّع اصلاحات في نظامه السياسي، وكذلك قضية فلسطين وحق شعبها في النضال والعودة كما كان حق الشعب اللبناني بالمقاومة التي عمرها منذ وجود الكيان الصهيوني الغاصب واطماعه في لبنان واحتلاله له.
هذه الثوابت التي يؤكد عليها رئيس «تيار الكرامة»، هي موجودة في مفكرته للعمل بها في اطار تكوين لقاء او «جبهة وطنية» او تجمع الخ... عابرا للطوائف والمناطق، فلا استنساخ لـ 8 اذار، ولا ولادة جديدة «للقاء التشاوري»، بل مشروع وطني جامع له اهدافه بعناوين وطنية خارج الاصطفافات الطائفية والمذهبية والمناطقية والسياسية القائمة، وهو في هذا المشروع السياسي، سيحاور الجميع، باستثناء «القوات اللبنانية» التي لم يكتف رئيسها سمير جعجع باغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي، انما يكمل مخططه في الاغتيال السياسي، والذي جرّبه في الانتخابات النيابية الاخيرة ليأتي بمن يسير وراءه من نواب في طرابلس، وفق ما اكد كرامي بعد اعلان فوزه بالنيابة.
وما سيبدأه كرامي قريبا، هو اتصالاته لتكوين لقاء وطني او جبهة، حيث سيتشاور مع اطراف سياسية وحزبية، واضعا نفسه على مساحة واحدة من الجميع فيلتقي السفير السعودي ويجتمع مع كل الاطراف.