محمد بلوط - الديار
هل تحولت اجواء جلسات اللجان النيابية المشتركة، التي تناقش مشروع قانون الكابيتال كونترول الى ما يشبه اجواء جلسات انتخاب رئيس الجمهورية؟
الواقع ان اوجه الشبه بينها يتلخص ببعض الاصطفافات السياسية والنيابية، التي سجلت وتسجل خلال النقاشات التي تدور حول هذا القانون، وان كانت تحت عناوين واسباب متنوعة ومختلفة.
ووفقا لاجواء جلسات اللجان، فان هناك جهات وكتل نيابية لا تعلن صراحة معارضتها لاقرار مثل هذا القانون، لكنها لا تحبذ او تريد اقراره في هذه المرحلة، لاسباب متعددة ومختلفة في ما بينها احيانا.
واذا استمرت وتيرة واجواء النقاش على هذا المنوال، فانه من الصعب ان تنهي اللجان درسه في فترة قريبة. وما يعزز هذا الاعتقاد ما جرى ويجري في الجلسات، وآخرها جلسة الامس التي استغرق النقاش فيها على تعريف الاموال الجديدة ما يزيد على الساعتين ونصف الساعة، قبل ان يعلق على مناقشة المواد الاخرى.
ووفقا لمصادر نيابية، فان بعض النواب عمدوا عن قصد الى تشعّب النقاش في اطار منهجية مدروسة، القصد منها المماطلة وصولا الى وقف مناقشة مشروع القانون. لكن هذا لا يعني ان عبارة الاموال الجديدة لا تحتاج الى نقاش، نظرا للابعاد التي يمكن ان تنجم عن توصيفها. مع العلم ان المقصود منها الاموال المحولة والمودعة في المصارف بعد ١٧ تشرين الثاني ٢٠١٩.
ومن الطبيعي ان تطرح تساؤلات حول ماهية التفريق بينها وبين الودائع قبل هذا التاريخ، الامر الذي فرض وجوب تعليق حسم هذا الامر، ربطا بباقي مضمون مشروع القانون، خصوصا ان هذه النقطة هي في البند ١٧ من المادة الثانية من القانون.
وجرى نقاش مطول آخر حول المادة الثالثة المتعلقة بتشكيل لجنة خاصة لقانون الكابيتال كونترول، ولم يحسم ايضا بانتظار مناقشة مهمتها ودورها في المواد ٤و٥ و٦.
وعلى حد قول احد النواب، فان استهلاك كل هذا الوقت بهذه الطريقة من النقاش حول المسألة تحول الى «طبخة بحص»، خصوصا ان اجواء النقاشات تدل على ان هناك ارادة لدى عدد من النواب والكتل لتأخير اقرار القانون المذكور على الاقل في هذه المرحلة.
صحيح ان كل الكتل تؤكد انها ليست ضد اقرار القانون، لكن بعضها يقصد ان تتشعب النقاشات لاجهاض اقراره، والبعض الآخر لا يزال ينادي بمناقشة خطة التعافي قبل اقراره.
ثمة اسئلة كثيرة حول اجواء وخلفيات المواقف من هذا القانون، خصوصا بالنسبة لمواقف بعض النواب الذي يتبنون موقف بعض المصارف داخل البرلمان، وينسقون معها بطرق متعددة.
ولفت امس في هذا المجال، مداخلة المرشح الرئاسي النائب ميشال معوض ومحاولته رفع التهمة الموجهة اليه بانه يدافع عن وجهة نظر المصارف في المجلس. وغمز في المداخلة من قناة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بشكل واضح، عندما اورد ما جرى بينه وبين بعض السفراء الذي استفسروا منه لماذا هو ضد الكابيتال كونترول، فقال لهم « من قال لكم انني ضده»؟
فاجابوا، وفقا لحكاية معوض، « الرئيس ميقاتي». ولقي كلام معوض اعتراضات وانتقادات نيابية.
وينقل عن نائب رئيس المجلس الياس بو صعب الذي يرأس جلسات اللجان، ان هناك مجموعة من النواب لا يريدون اقرار المشروع وطالبوا علنا بوقف مناقشته، ومن بينهم النواب ميشال معوض، مروان حمادة، سامي الجميل وراجي السعد، بينما عاد النائب جورج عدوان الى المطالبة بربط اقراره بخطة التعافي.
وبرأي بوصعب ان توسيع النقاش خارج اطار مشروع القانون ربما تكون الغاية منه محاولة عرقلة درسه ومناقشته واقراره، داعيا الى الوضوح في المواقف. ويلفت ايضا الى ان هناك بعض الجمعيات او من الذين يتكلمون باسم المودعين، يتعاونون بشكل او بآخر مع مصارف وبنوك، كاشفا ان احد كبار اصحاب المصارف سعى لتزكية اسمين من هؤلاء المتحدثين باسم المودعين للاجتماع معه وتمثيلهم في اجتماعات اللجان.
ومع ذلك، اكد بوصعب ان اللجان المشتركة ستواصل مناقشة الكابيتال كونترول في جلسة اليوم، وستستكمل النقاش في جلسات لاحقة ومنها يوم الاثنين المقبل.
ووفقا لاجواء الجلسات حتى الآن، فان الثنائي «امل» وحزب الله يؤيدان اقرار القانون مع ادخال تعديلات عليه، تتمحور حول حماية المودعين وايقاف استنسابية المصارف، كما عبر النائب علي فياض بعد جلسة الامس، كما يؤيد تكتل لبنان القوي الذي يقوده «التيار لوطني الحر» اقراره ايضا، مع عدم توسيعه وتمحوره حول موضوع التحويلات.
كذلك اكدت كتلة «اللقاء الديموقراطي» تأييدها لاقرار القانون، لكن هناك وجهات نظر فيها غير متحمسة له. ويحظى القانون المذكور تأييدا من معظم النواب السنة.
وتعلن «القوات اللبنانية» و»الكتائب» انهما ليسا ضد القانون، لكنهما كانا اعلنا غير مرة في اللجان وخارجها، انهما يربطان اقراره بخطة التعافي الشاملة. ويسود حاليا جو من التباين والارباك في صفوف نواب «التغيير» حول هذا الموضوع، الا ان عددا كبيرا منهم يرفض اقراره.