صونيا رزق - الديار
كانت توجهات رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في معظم الاحيان، تقضي بعدم الرد على الحملات أو الاستهدافات أو الكيديات، من أي طرف سياسي كان، لانه يسير منذ سنوات على خط المهادنة والهدوء، فهو تعب من السياسة كما يردّد دائماً، لكن المحسوم لديه «أنه ليس باستطاعة أي طرف سياسي مهما كان حجمه أن يلغينا أو يلغي وليد جنبلاط»، هذه العبارة كانت تقوم بالواجب وتقابل دائماً أي هجوم مقابل، الى ان وضعته السياسة والتحالفات الانتخابية في موقع متقوقع بعض الشيء، اذ لم يبق امامه سوى التحالف مع «القوات اللبنانية» انتخابياً، لانّ العشاق تفرقوا، خصوصاً الحليف الدائم سعد الحريري، وإن مرّت علاقتهما ببعض التأرجح، لكن سرعان ما كانت تعود الى قواعدها، وينتهي الخصام فجأة كما حصل فجأة.
اليوم العلاقة غير مفهومة بين «الاشتراكي» و «التيار الازرق»، تقول مصادر سياسية، خصوصاً بعد كلمة الحريري من بيت الوسط «أن لا ترشح الى الانتخابات ولا حياة سياسية بل تعليق لها غير محدّد في التوقيت»، الامر الذي اغضب جنبلاط واقفل الباب السنيّ امامه، والذي كان مفتوحاً من اقليم الخروب في اتجاه الشوف، فاتحاً الباب على مصراعيه بالاصوات السنيّة، التي كانت تكسب جنبلاط بعض المقاعد النيابية في الشوف، لكنه اليوم حزين ووحيد، وفي الوقت عينه يجد من يطمئنه، أي رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث يقف جنبلاط دائماً وبقوة امام حائط عين التينة، حتى بات كالمبكى بالنسبة له، لانه يعيده دائماً منتصراً، وهو الوحيد الذي لم ينقلب عليه حتى في أوج عدائه لقوى 8 آذار.
هذه الصرخات ستصبح مدوية في يوم 7 ايار المقبل، أي قبل اسبوع من موعد الاستحقاق النيابي، اذ سيلقي جنبلاط خطاباً نارياً خلال مهرجان للحزب «الاشتراكي» في مؤسسة «العرفان التوحيدية» في الشوف، بحسب مصادر مقربة منه، وستتضمّن مواقف هامة جدا، لانّ سهامها ستتجه نحو الخصوم وما اكثرهم في هذه الايام، لانهم يشملون العدد الاكبر من محور الممانعة، وستنطلق الكلمة من مصالحة الجبل لطمأنة الحليف المسيحي اولاً، والمحافظة عليها والانفتاح على الخارج، لان المناخ الاقليمي الجديد يتطلب ذلك، والخيارات اليوم مختلفة عن السابق، بمعنى ان زمن الخيارات المفروضة قد ولّى، وهو لا يريد لنجله تيمور ان يمّر بكل تلك الدروب الوعرة التي سار عليها هو، إلا ان الرياح السياسية قد تعاكسه.
الى ذلك سيشّد جنبلاط العصب الدرزي، على حد قول المصادر ذاتها، لان التوقيت الانتخابي يتطلّب ذلك وبقوة، والخصوم الانتخابيون «يتكاثرون»، من «التيار الوطني الحر» بشخص رئيسه جبران باسيل، وطلال ارسلان ووئام وهاب، وحزب الله الداعم لهما في عاليه والشوف وراشيا وبيروت الثانية والى ما هنالك، حيث يتهدّد مصير بعض المرشحين الاشتراكيين، لذا لا بدّ من إعلاء الصوت، والتهديد السياسي المبطّن: «اذا ارادوا ان يزيلوا زعيم المختارة من الحياة السياسية، عليهم ان يعرفوا ان هذا مستحيل، وبالتالي فالمؤامرات ومهما اشتدت فالحقائق ستظهر لاحقاً، لان اكثرية ابناء الطائفة الدرزية هم في الخط الجنبلاطي والتاريخ يؤكد ذلك»، وفق ما تقول مصادر «اشتراكية» : «لان مؤيديه ومناصريه يسيرون معه حتى النهاية لانهم يثقون به، وبالتالي فهو يعمل من اجل مصلحة الدروز ولا شيء يهمه سوى مصلحتهم، طبعاً الى جانب مصلحة لبنان العليا، لذا يعمل على الانفتاح باستثناء مَن يزرع الرياح له وللبنان لانه سيحصد العواصف لاحقاً، وما يجري من مؤامرة ضد جنبلاط ومحاولة ليّ ذراعه لن يمّر، لانه سيخرج كالعادة من هذه الازمة منتصراً».
وتشير المصادر الى انّ كلمة جنبلاط ستتطرق الى عناوين المرحلة السياسية الراهنة، اذ سيضع الأمور في نصابها، ولن تخلو «لطشاته» من احد، حتى انها ستصل الى دمشق التي تعمل ضده انتخابياً خصوصاً في البقاع الغربي وفق ما يشير، مما يعني انّ كلمته ستتناول الاكثرية ولربما سيستعين بشعار «كلن يعني كلن» ولن يستثني العهد، بل سيكون ضمن سطور مهمة جداً في خطابه، مذكّراً بما مرّ خلال السنوات منذ العام 2016، كما سيتطرّق الى مأساة اللبنانيين وجوعهم وفقرهم، أي الوتر الحساس الذي سيشعل الناس ويدعوهم الى الاختيار الصح. لكن مَن هو الذي يملك الخيار الصح وسط كل هؤلاء؟