رضوان الذيب - الديار
كأنه كتب على اللبنانيين ان يعيشوا المآسي اليومية على يد اسوأ طبقة سياسية شهدها العالم، تحاول اعادة انتاج نفسها بشتى الوسائل المالية والتحريض واثارة الغرائز، مستفيدين من شهوة ما يسمى المجتمع المدني للسلطة، وليس مستغربا ان «يصحى» اللبنانيون يوميا على مآسي جديدة تطال الساعين وراء لقمة الحلال الشريفة في بلاد الله الواسعة، لكن «ليالي الشمال الحزينة» لن تكون سببا في تعطيل الانتخابات او تأجيلها في 15 ايار، رغم كل اجواء البلاد عير المستقرة، لأن قرار اجراء الانتخابات أقوى من القوى المحلية، ونال دعما فوق العادة مع عودة ماكرون حسب مصادر عليمة.
لكن الانتخابات بأعتراف المتابعين العرب والاجانب لن تفتح ابواب التغيير، ولن تؤدي الى انقلاب في الحياة السياسية او تحدث فرزا جديدا يفسح المجال لمسار سياسي مختلف، كونها ستعيد القوى السياسية نفسها باستثناء نواب «المستقبل» وتشتت المرجعية السنية. وتؤكد المصادر العليمة، ان الاكثرية سينالها هذا الفريق او ذاك بحدود 3 الى 4 نواب فقط، ولن يكون هناك اكثرية مريحة او راجحة لأي فريق، وصورة البلد ما قبل ١٥ ايار لن تختلف عن مرحلة ما بعد ١٥ ايار، مع استمرار الخلافات والمناكفات، كما أن القوى السياسية ستكون عاجزة عن انتاج حلول وتسويات، وحكومة ميقاتي ستتولى تصريف الاعمال وادارة المرحلة الانتقالية والفراغ في رئاستي المجلس النيابي ورئاسة الجمهورية بعد نهاية عهد الرئيس عون في 22 تشرين الثاني، وهذا ما اعلنه بكل وضوح وزير سابق مطلع ومرشح على لوائح 14 آذار في الجبل، مؤكدا ان الانقسامات ستزيد بشكل اكبر وحاد بعد الانتخابات، والفراغ في الرئاستين الاولى والثانية قد يطول بانتظار التسوية الاقليمية والدولية الشاملة.
وفي ظل هذا المأزق، فان حركة حكومة ميقاتي ستبقى «من دون بركة»، وكل الملفات من الترسيم الى التعينات والموازنة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي وهيكلة المصارف وخطة التعافي مؤجلة حاليا، في ظل قناعة القوى السياسية، ان ميقاتي سيتولي الحكومة الاولى في العهد الجديد لمعرفته بشؤون وشجون كل الملفات، وربما حصل على وعود بتولي رئاسة الحكومة، كونه الوحيد القادر على تعبئة الفراغ الذي خلفه سعد الحريري على الصعيد السني.
وفي ظل هذه الاجواء ايضا، تبقى الانظار متجهة نحو الطائفة السنية ورصد تحركاتها، ونسبة المقاطعة التي يقودها سعد الحريري المتمسك في هذا الموقف حتى النهاية، وعدم التجاوب مع كل تمنيات رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بمدّه بـ 5 آلاف صوت تفضيلي، على العكس فان الحريري يوجه في مجالسه الانتقادات لسمير جعجع ووليد جنبلاط، ويتهمهما بعدم التضامن معه، لكن الاتهامات لجعجع تبقى كبيرة جدا، وهذا الامتعاض الكبير من الرجلين قاله الحريري لاعلامي مقرب جدا منه، كما ابلغه اصراره على المقاطعة وممارسة دور المراقب ومتابعة كل التفاصيل في الشارع السني دون اي تدخل منه شخصيا ومن تياره، وعلى ضوء نتائج الانتخابات سيقرر وجهة تحركاته.
الاوضاع في البلاد ستبقى على حالها، كما تؤكد المصادر العليمة، بانتظار ما ستسفر عنها تطورات المنطقة، وحتى ١٥ ايار تبقى الكلمة في الشارع للمال الانتخابي ورفع نسبة المشاركة نتيجة «قرف عام» يعطي المقاطعة النسبة الاكبر باستثناء التصويت الشيعي الذي سيرتفع بشكل مميز، عسى الرسالة تصل الى المجتمع الدولي عن مدى احتضان الناس لمشروع المقاومة على عكس ما تروّجه كل المخابرات العربية والدولية.