فاجعة زورق الموت في طرابلس.. غضب عارم طال النواب والسياسيين والمرشحين وتمزيق صورهم
فاجعة زورق الموت في طرابلس.. غضب عارم طال النواب والسياسيين والمرشحين وتمزيق صورهم

أخبار البلد - Tuesday, April 26, 2022 7:26:00 AM

جهاد نافع - الديار

اختزلت فاجعة طرابلس، مأساة وطن يعيش في اسوأ مرحلة من تاريخه الحديث، ولعلها الفاجعة التي اسقطت ورقة التوت الاخيرة عن فاسدين نهبوا البلاد وسرقوا خيراته، وتخلوا عن شعب يواجه مصيره وحيدا، يصارع الامواج بحثا عن كرامة اهدرها سياسيو البلد، وعن عيش كريم عزيز في دنيا الاغتراب، بعد ان وصل البلد الى مرحلة فقد فيه الدواء والاستشفاء والغذاء والخبز، وارتفعت فيه اسعار قارورة الغاز والمازوت والبنزين الى مستوى يعجز عنه رب العائلة، الذي بات راتبه لا يكفي شراء ربطة خبز اكثر من اسبوع، وبلد يغرق بالعتمة الشاملة، وبلد يعوم فوق بحيرات مياه وينابيع وأنهر، تنقطع فيه مياه الشرب النقية...

 
فاجعة طرابلس، بل جريمة طرابلس، او بالاحرى مجزرة طرابلس التي ذهب ضحيتها قرابة الاربعين شهيداً، ممن عقدوا العزم على مغادرة المدينة نحو بلاد جديدة، يجدون فيها الحياة الكريمة وراحة البال والامان، هي الفاجعة التي ستبقى في الذاكرة الطرابلسية خاصة، واللبنانية عامة، عنوانا صارخا لحجم الفساد والفاسدين الممتد منذ اكثر من ثلاثين عاما والى اليوم، هم ضحايا هذا الفساد واولئك الفاسدين من قيادات سياسية تعيش في ابراج عاجية، تخلوا عن شعب يئن من الجوع والفقر، نهبت مدخراته وسرقت رواتبه، وعجز عن ايجاد دواء ناجع، وعن استشفاء في مستشفيات باتت مخصصة فقط لذوي الثروات المكتنزة، بلد بات فيه أناس في السماء، وأناس في الجحيم...

مساء السبت، وقبيل الافطار بقليل، قرابة الاربعين شهيداً، قضوا في البحر على بعد قرابة الـ٣٠٠ متر عن شاطيء طرابلس، نساء واطفال ورجال غرقوا بعد اقلاعهم بقليل حين تصدى لهم خفر السواحل لمنعهم من الهجرة، في زورق قال بيان الجيش انه صناعة ١٩٧٤، بطول عشرة أمتار ، وعرض ثلاثة امتار، وانه لا يتسع لاكثر من ستة اشخاص، فيما كان يحمل قرابة المئة شخص حسب تصريح احد الناجين البالغ عددهم (٤٥) شخصا.

حوالي اربعين مفقودا في عرض البحر، عثر منهم على ثماني شهداء حتى ظهر امس الاثنين، فيما الباقون في عداد المفقودين.

هذه الفاجعة استثارت الرأي العام اللبناني كله والطرابلسي خاصة، المدينة المفجوعة بابنائها من عائلات الدندشي ومرعب والجمل وشريتح وطالب والحموي السماك والنمري من طرابلس وعكار والضنية..

الجميع بكى الشهداء ...

مشهد الطفلة تالين الحموي، والطفل بهاء الدندشي، اهتزت له مشاعر الناس في كل مكان، ولعله كاف ليطلق ثورة الغضب، وفتيل انفجار اجتماعي، حيث المدينة على فوهة بركان يغلي.

هذه الفاجعة دفعت بالشيخ نبيل رحيم (احد قيادات طرابلس الاسلامية) الى اطلاق الصرخة في سحور التبانة، وشن حملة شملت رجال الدين والسياسيين على حد سواء، حيث اعتبر «ان شهداء زورق الموت هم ضحايا الدولة الفاسدة، وضحايا السياسيين الفسدة، ضحايا كل انسان فاسد ايا كان، سياسيا او شيخا ملتحيا لا يفكر الا بنفسه، ويترك الناس جوعى وعطشى، ولا ينزل الى الميدان سأل عن اخبارهم ويجبر خاطرهم، ويمسح جراحهم، ويبلسم وجعهم».

وقال رحيم: «للأسف لا نعرف السياسيين إلا في المواسم الانتخابية، ينفقون عشرات الآلآف من الدولارات ثمن صور معلقة، ورشاوى ومهرجانات، ويتركون الشعب المسكين يتضور جوعا، ووجعا وألما.».

وتابع: «طرابلس بدون كهرباء منذ اسبوع عتمة شاملة، وبدون ماء.. لكن من يتكلم؟ وسأل: «هل سمعتم سياسيا صدع ونطق وشعر بوجع أهل المدينة؟.. هل رأيتم أحدا نزل الى الناس، والشوارع والاسواق ليتفقد احوالهم واخبارهم»؟

وقال رحيم:» نعرف ان ليلة القدر مباركة، وفيها نتقرب الى الله بالعبادة والذكر وقراءة القرآن وقيام الليل، ولكن من قال ان العبادة فقط صلاة وتلاوة قرآن وقيام الليل؟.. العبادة هي تفقد الارامل والايتام وتأمين الدواء للمريض ومساعدته في الاستشفاء، والنبي صل الله عليه وسلم قال: «أحب الناس الى الله انفعهم للناس». طرابلس تعيش بالعتمة على الشمعة، لا تستطيع تركيب اشتراك كهرباء بمليون ونصف المليون ليرة، وعائلات لا تملك ثمن الدواء او الاستشفاء، ولا ثمن قارورة غاز والمدينة تتفشى فيها المخدرات وحبوب الهلوسة والحشيشة بين الشباب، فاين الدولة؟».

يوم امس، كانت طرابلس تلبس ثوب الحداد، وقد خيم الحزن فوقها من بابها لمحرابها، والغضب في كل شوارعها، شمل كل السياسيين من نواب ومرشحين وقيادات.. اطلاق رصاص في مواكب التشييع للشهداء، وعائلات لا تزال ترابض في مرفأ طرابلس منذ مساء السبت، والعيون شاخصة الى البحر الذي افترس ركاب الزورق، وهجمة شبان على صور المرشحين في الاحياء الشعبية والشوارع وعمدوا على تمزيقها وحرقها، مع سيل من اللعنات، وما حصل في حي الشعراني في القبة شاهد على حجم الغضب الشعبي، حين اطلق الرصاص على مواطن كان يرفع صورة احد المرشحين فيما العائلات تبكي وتندب فاجعتها...

وتحذيرات لكل من يقيم مهرجان انتخابي، او افطار او سحور. ومناشدات لاجراء تحقيقات شفافة وسريعة ونزيهة وعادلة لتحديد المسؤوليات، ومحاكمة المسؤولين المتسببين بالفاجعة من مهربين وتجار بشر .  

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني