الديار
على وقع دخول «صندوق النقد الدولي» «باللعب على المكشوف» مع المسؤولين اللبنانيين، ووسط استمرار «لعبة القط والفار» بين القضاء وحاكم مصرف لبنان وشقيقه، دخلت تحضيرات الاستحقاق الانتخابي سباق «الامتار» الاخيرة مع اقتراب انتهاء مهلة تسجيل اللوائح التي تنتهي ليل الاثنين الثلثاء المقبل، وتشير الارقام الخجولة المسجلة والتي بلغت حتى يوم امس 23 لائحة فقط الى الصعوبة لدى اكثر من فريق سياسي في حسم التحالفات القائمة على مصالح «غير متجانسة» في اغلبية الدوائر، فيما بلغ عدد المنسحبين 42 سينضم اليهم الاسبوع المقبل من اخفق في الانضمام الى اللوائح. وفيما ولد في عكار اول تحالف «سني» وازن مع القوات اللبنانية بعدما خالف خالد الضاهر وطلال المرعبي «المزاج» السني في مختلف الدوائر في ظل الخلاف القائم مع تيار المستقبل، لا يزال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يراهن على تسرب اصوات «حليفه التاريخي» نبيه بري اقله في دائرتي بعبدا والشوف، بعدما فشل الاخير في ايجاد التوازن المعتاد في الحفاظ على حصص «المختارة» الدرزية وذلك لعدم الاصطدام مع حزب الله. هذا الاستحقاق الانتخابي في بعده الدولي حضر من «بوابة» القلق الفرنسي من «احباط» سني سيؤدي الى الاخلال بالتوازنات الوطنية، وهو ما ابلغته السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو لرئيس الحكومة والمفتي عبد اللطيف دريان،عمدت السفيرة الاميركية دوروثي شيا خلال الايام القليلة الماضية «ببيع الاوهام» لحلفاء واشنطن في بيروت، وذلك في سياق التسويق لفكرة عدم تاثير العودة الى الاتفاق النووي في فيينا على زيادة نفوذ حزب الله في لبنان؟!!
باريس «قلقة»
وفي هذا السياق، زارت السفيرة الفرنسية آن غريو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والمفتي عبد اللطيف دريان، وناقشت معهما ما اسمته «خطر» «الاحباط السني»، وفيما ابدى ميقاتي «قلقا» حذرا من تاثير غياب تيار المستقبل عن الاستحقاق، اكدت مصادر مطلعة على لقاء غريو والمفتي ان الاخيرة كانت مهتمة على نحو تفصيلي بمعرفة موقف دار الفتوى من الاستحقاق الانتخابي وكيفية مقاربة هذا الاستحقاق على صعيدي دعم المرشحين وحض الناخبين على التوجه الى صناديق الاقتراع في 15 ايار، مشددة على اهمية عدم المقاطعة لانها ستكون مضرة على المستوى الوطني، وابلغت غريو الشيخ دريان صراحة قلق بلادها من حصول «احباط» سني سيؤدي حكما الى اختلال في التوازنات الداخلية تشبه ما حصل مع المسيحيين بعد مقاطعة الانتخابات في العام 92ما اثر على دورهم في السلطة سنوات طويلة وما زالوا حتى الان يدفعون ثمن ذلك، بحسب تعبير السفيرة الفرنسية التي لم تنس التشديد على عدم «رضى» بلادها على قرار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري «الاعتكاف» السياسي في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ لبنان، وعاودت التاكيد على الدور التاريخي المطلوب من المرجعية الدينية السنية «لملء الفراغ»!
محاولة «غسل اليدين»
هذه المحاولة الفرنسية الواضحة «لغسل اليدين» من المسؤولية عما اصاب الحريري من نكسات سياسية، ادت الى «اعتكافه»، قابلها الشيخ دريان بحرص شديد على مقاربة دور دار الافتاء باعتبارها المؤسسة الحاضنة لكل ابناء الطائفة، دون تمييز او انحياز، وذلك من «بوابة» مسؤوليتها الوطنية، لكنه لم يخف وجود حالة ارباك سياسي غير مسبوقة بعد القرار الاخير للرئيس الحريري الذي «ظلم» كثيرا داخليا وخارجيا، بحسب تقييم الشيخ دريان، الذي كان صريحا للغاية في الرد على سؤال للسفيرة حول «ما العمل» لمحاولة التخفيف من التداعيات قبل الانتخابات بالقول: تاخرتوا!. لكن دريان الذي حرص على شرح رؤية دار الافتاء لاسباب الانهيار الحالي في البلاد الذي اصاب كل اللبنانيين وليس السنة وحدهم، لفت الى ان «التضحيات» الكبرى التي قدمها الحريري خلال السنوات القليلة الماضية قوبلت «بالجحود» من قبل الجميع في الداخل وتعرض «للتهميش» من الخارج، واليوم يدفع السنة ثمن انفتاحهم الوطني ومحاولتهم حماية السلم الاهلي، وهذا ثمن يفخر به كل ابناء الطائفة على الرغم من شعورهم»الاحباط» مرحليا،وهو امر لا يمكن نكرانه، لكنه مؤقت، ويحتاج الخروج منه الى تضافر جهود عديدة وكبيرة، ودار الفتوى ستقوم بدورها المطلوب لتشجيعهم على القيام بدورهم الوطني.
شيا تبيع «الاوهام»؟
في هذا الوقت، لا تبدو «اجواء» السفارة الاميركية في بيروت مطمئنة لحلفاء واشنطن المضطرين «للتعايش» مستقبلا مع عودة ايران الى احضان المجتمع الدولي من اوسع «ابوابه»، وهو ما تريد «عوكر» ان لا ينعكس ايجابا على حلفاء طهران في بيروت، وفي طليعتهم حزب الله، لكن دون تقديم اي اجابات واضحة حول كيفية منع هذا الانعكاس اذا كانت الاستطلاعات الميدانية تشير الى ان الاستحقاق الانتخابي غير مبشر في حصد «خصوم» حزب الله للاغلبية في المجلس النيابي الجديد. ويستخلص مما نقله زوار السفارة الاميركية، ان السفيرة دوروثي شيا عمدت في لقاءاتها الاخيرة مع عدد من الناشطين على «خط» السفارة اللى «بيعهم» «الاوهام» بعد ان حرصت على ابلاغهم بان بلادها «قاب قوسين او ادنى» من التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران، وفهموا منها ان القمة الاخيرة في النقب لم تنجح في إحداث اي تغيير في موقف الولايات المتحدة من محادثات فيينا.
محاولات «يائسة»
لكن وفي محاولة «يائسة» منها لطمأنة «الشركاء» اللبنانيين، كان لافتا حديثها عن مؤشر ايجابي يتعلق بوجود شبه اجماع عربي على مواجهة «الخطر» الايراني، ما يعني ان «عزلة» حزب الله ستتواصل في المرحلة المقبلة مهما كانت نتيجة الانتخابات، وتحدثت عن دعم بلادها لإقامة تحالف متين للتصدي للمخاطر الايرانية. دون ان تشرح كيفية حصول هذه الانعكاس السلبي على الحزب!
«السلاح» على «الطاولة»!
وكان لافتا، حديثها المتفائل عن نجاح الاطار الاقليمي الجديد في منع طهران من السيطرة على الشرق الاوسط، وتقليص خطر القدرات الصاروخية الايرانية، وقالت ان اي «تسوية» او خيار «للمواجهة» سيتضمن ملف الصواريخ الدقيقة الموجودة لدى حزب الله وكذلك «المسيرات» التي ستكون على «الطاولة» في المرحلة المقبلة، لان بلادها باتت تدرك جديا معنى وجود هذه الاسلحة خارج نطاق «السيطرة» خصوصا بعدما استخدمت اسلحة مشابهة لتهديد الاستقرار النفطي في السعودية عبر «الحوثيين» في اليمن.وهنا ابدت تفاؤلها بان الايرانيين سيكونون منفتحين على مناقشة هذه الملفات بعد التوصل الى اتفاق جديد؟ وهو موقف تخالف فيها كل ما يعلنه الايرانيون في السر والعلن!