نور نعمة - الديار
بكل خيبة وأسف، نرى ان الناس الذين نزلوا في 17 تشرين 2019 لم يتمكنوا من ايصال صوتهم عبر توحيد لوائحهم الانتخابية لما يرقى بالمطالب التي اعلنوها...والتغيير والتمرد اللذين اتبعوهما في وجه منظومة الظلام والفساد. كنا نتوقع موقفا اكثر صلابة، واكثر تصميما في تغيير الطبقة الفاسدة واحداث تبدل نوعي في الحياة السياسية اللبنانية، الا ان الفوضى والتردد طغيا على استراتيجية هذه القوى، وها هي اليوم تترشح للانتخابات النيابية مشرذمة الصفوف، مقابل منظومة فاسدة ماكرة تحاول بكل طاقتها تعويم نفسها مرة جديدة في الحكم.
والحال انه لا يمكن ان تكون قوى 17 تشرين جديرة في اقفال الطرقات واحراق الاطارات فقط، ولا تكون جديرة في اثبات نفسها بشكل جدي وفعال في الاستحقاق الآتي وهو الانتخابات النيابية في 15 ايار المقبل. كل هذا الغضب وهذه النقمة التي اظهرتها الناس في 17 تشرين تستحق الوحدة في وجه منظومة الفساد وتترجم في الانتخابات النيابية، لان الطريقة الاكثر تعبيرا عن ألم الناس وتوجهاتهم تكون بالتصويت في صناديق الاقتراع للوائح 17 تشرين متحدة، وليس لعدة لوائح. ذلك انه كلما تعددت اللوائح الانتخابية لمرشحين يمثلون انتفاضة 17 تشرين، كلما انخفضت فرصة الحصول على الحاصل الانتخابي، وبالتالي دخول البرلمان اللبناني.
فهل يستحق الناس بعد كل هذه المعاناة والمآسي التي عاشوها من فقر وعوز وانفجار و4 آب 2020 والهجرة والذل والتقهقر، ان ترشح قوى 17 تشرين نفسها فقط دون استراتيجية واحدة وارادة واحدة؟ هل بعض قوى المجتمع المدني والمعارضة التي افرزتها 17 تشرين ضليعة في التنظير والاقوال، في حين انها ضعيفة في تحويل هذه الشعارات التي رفعتها الى افعال؟
بيد ان هذه الانتخابات النيابية هي اكثر من ايصال ممثلين عن الشعب، بل هي استحقاق تاريخي ونقطة تحول في مسار لبنان الذي نريده. ونعني بهذا الكلام لبنان الحضارة والشفافية والعمل البرلماني الدؤوب، لا لبنان العتمة والذل والصفقات واهتراء المؤسسات. لقد ملّ اللبنانيون من هذه الحالة السوداوية، وينظرون الى الانتخابات بأمل، علها تدخل وجوها جديدة طموحة تضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار وترفض السرقة والفساد، لا بل تحاسب وتشكك وتطلب كل التوضيحات حوله لمعرفة هدفه وتفاصيله.
وقصارى القول ان بعض القوى السياسية الموجودة اليوم في الحكم اشتركت وساهمت باعمال فساد وسرقة لسنوات طويلة ما اوصل لبنان الى الانهيار الكبير على كل الاصعدة وبالتالي يجب استبدال هذه القوى الفاسدة بقوى اخرى نظيفة الكف. وهذه القوى الجديدة هي المجتمع المدني والمعارضة المنتمية لـ 17 تشرين حيث تؤدي واجبها الوطني وتمنع اي مشروع لا يتماشى مع مصلحة الشعب اللبناني.
اليوم هناك عدة لوائح لبعض قوى السلطة الفاسدة انما في الحقيقة هي تتشابه في المضمون وفي التمثيل ومن يريد التغيير حقا يسعى الى لملمة التشظي والتشرذم الحاصلين في قوى المعارضة الحقيقية للخروج من هذه الازمة غير المسبوقة.