دوللي بشعلاني - الديار
يُصدر المجلس الدستوري اليوم الثلاثاء قرار الطعن في تعديلات قانون الإنتخاب رقم 44 الصادر في 17 حزيران 2017، والمقدّم من قبل «التيّار الوطني الحرّ»، من دون أن يمسّ هذا القرار، أيّاً يكن، والذي سيتخذه المجلس بالمهل الدستورية لإجراء الإنتخابات في موعدها الدستوري. وقبل صدور القرار المذكور حصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أثناء اللقاءات التي أجراها خلال زيارته الحالية الى لبنان من كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على «ضمانات»، على ما قال من السراي الحكومي، بأنّ الإنتخابات ستجري في موعدها. كما أكّد له ميقاتي أنّ الحكومة ستتفق مع صندوق النقد الدولي، وستقوم بتحقيق الإصلاحات الضرورية المطلوبة، لا سيما في قطاع الكهرباء. فهل هذه «الضمانات» التي أعطتها الدولة اللبنانية للضيف الأممي ستجعل الإنتخابات تجري في موعدها؟ أم أنّ قرار المجلس قد يؤدّي بطريقة ما الى «تطيير» هذه الإنتخابات رغم الضغوطات الدولية بضرورة حصولها في ربيع العام المقبل؟ّ!
مصادر سسياسية قانونية عليمة أكّدت أنّ المجلس الدستوري سيجتمع اليوم ويتخذ القرار المناسب في ما يتعلّق بالطعن المقدّم من قبل «التيّار الوطني الحر»، وسيتمّ تأمين النصاب القانوني الذي هو 8 من أصل 10 أعضاء، أمّا الأكثرية المطلوبة فهي 7 أصوات على كلّ من النقاط المطعون فيها، ليتمّ إعلان القرار المتفق عليه. والقرار سيكون من بين 3 خيارات ينصّ عليها القانون هي: قبول الطعن، ردّ الطعن، أو لا قرار.
فقبول الطعن، على ما أوضحت المصادر، يُعيد القانون الإنتخابي رقم 44 الى ما كان عليه بكامل بنوده لدى صدوره في العام 2017، قبل إجراء التعديلات عليه من قبل المجلس النيابي، ما يعني إجراء الإنتخابات في أيّار على ما كان يجري عادة، بدلاً من 27 آذار،والإبقاء على المقاعد الستّة التي يُخصّصها القانون للبنانيين غير المقيمين على أراضيه في انتخابات العام 2022. وعندئذ يصبح على الحكومة الاجتماع والاتفاق على الآلية القانونية للدائرة 16، لأنّ القانون المذكور لا ينصّ عليها، وكيفية توزيع مقاعدها الـ 6 على الطوائف الأساسية في البلاد على القارّات الستّ.
فيما ردّ الطعن، على ما أضافت المصادر، لا «يُطيّر» الإنتخابات على ما يعتقد البعض، إنّما يعني قبول التعديلات التي أقرّها المجلس النيابي أخيراً، وعليه يصبح على الحكومة إجراء الإنتخابات النيابية المقبلة وفق هذه التعديلات والتي تتعلّق بالإبقاء على موعد الإنتخابات في 27 آذار المقبل. كما تُلغى المقاعد الستّة الإضافية للبنانيين غير المقيمين، كون التعديلات ألغتها من القانون، وسمحت للمغتربين التصويت في دول الخارج بحسب دوائرهم في الداخل لـ 128 نائباً. فيما كان النص السابق قبل التعديلات الأخيرة ينصّ على استحداث 6 مقاعد مخصّصة للمغتربين بحيث يقوم غير المقيمين بانتخاب ممثل لهم عن كلّ قارّة من دون أحقيّة للتصويت في الداخل.
كذلك فإنّ نسبة التصويت على التعديل المتعلّق بمقاعد المغتربين والتي بلغت 61، فيما الأغلبية المطلقة التي ينصّ عليها القانون لا تقلّ عن 65 عضواً، لأنّه جرى احتسابها من عدد النوّاب الحاليين في البرلمان والذين يبلغ عددهم 117 بدلاً من 128 نائباً بعد استقالة ووفاة 11 نائباً، ما يجعل الأغلبية تُحتسب بموافقة 59 نائباً، سيتمّ الطعن فيها في حال ردّ الطعن، ما يعني عدم العودة الى استخدامها مرّة أخرى، كون قرار المجلس الدستوري ملزماً. كما يوقف ردّ الطعن العمل بالميغاسنتر وبالبطاقة الممغنطة وغير ذلك من الأمور التي عدّلها المجلس النيابي.
أمّا الخيار الثالث، والذي تُرجّح المصادر نفسها أن يتخذه المجلس الدستوري اليوم، فهو «لا قرار». وقراره هذا لا يُعتبر أنّه وقف موقف الحياد، إنّما أبقى الباب مفتوحاً أمام إعادة دراسة بعض النقاط مرّة ثانية. فـ «لا قرار» لا يوازي ردّ الطعن في نتائجه، لأنّه إذا حصل تصويت مرّة ثانية وجرى الإختلاف على النصاب، يمكن الطعن في هذا الأمر مُجدّداً لدى المجلس الدستوري، فيُعيد هذا الأخير دراسة المسألة. فيما ردّ الطعن والذي هو قرار نهائي ومُلزم فيعني عدم البحث في التعديلات مرّة أخرى، إذ لا رجوع عن أي قرار يتخذه المجلس الدستوري.
من هنا، لفتت المصادر عينها الى أنّ المجلس سيجتمع اليوم، وسيتأمّن النصاب كون جميع الأعضاء يريدون إصدار قرار عن الطعن المقدّم، وسيتخذ بالتالي القرار الذي يجده مناسباً في ما يتعلّق بالطعن، وقالت انه أيّاً يكن قراره، فإنّ هذا الأمر لا يؤثّر في الإنتخابات النيابية المقبلة، كونه لا يؤثّر في المهل إذ يبقى أمام وزارة الداخلية الوقت الكافي لدعوة الهيئات الناخبة للإنتخاب، كما لفتح وإغلاق باب الترشيح للإنتخابات وما الى ذلك.
في الوقت نفسه، أشارت المصادر الى أنّ الإنتخابات التي التزمت السلطات اللبنانية أمام الضيف الأممي بإجرائها في موعدها (على الأرجح في 8 أيّار المقبل، على ما كان مقرّراً قبل التعديلات) يمكن أن تحصل إذا كان ثمّة إرادة داخلية لذلك، ولعدم «تطييرها» من السلطة السياسية الحاكمة خوفاً من نتائجها. فغوتيريس الذي جاء الى لبنان بهدف تقديم الدعم له، ومدّ يدّ المجتمع الدولي لمساعدته على إقرار «العقد الجديد»، الذي سبق وأن تحدّث عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتعهّد بعدم ترك لبنان بل الوقوف دائماً الى جانبه، وتسريع مفاوضات ترسيم الحدود البحرية وما الى ذلك، تلقّى «الضمانات» التي كان يحتاج اليها من السلطة السياسية الحاكمة.
وتساءلت المصادر عينها ما اذا كان المسؤولون اللبنانيون سيفون بما وعدوا به الضيف الأممي الكبير، سيما أنّهم سبقوا وأن تعهّدوا للرئيس ماكرون بتنفيذ المبادرة الفرنسية وبتشكيل حكومة إنقاذية مدّتها 6 أشهر في غضون شهر وشهرين من استقالة حكومة الرئيس حسّان دياب، ولم يفعلوا رغم كلّ الضغوطات إلّا بعد 13 شهراً على هذه الإستقالة، فيما حكومة «معاً للانقاذ» التي يُفترض أنّها جاءت لإنقاذ البلاد من أزمتها الإقتصادية والمالية غير المسبوقة لم تجتمع سوى مرّتين، ويجري تعليق اجتماعاتها الوزارية منذ 4 تشرين الأول الماضي. فهل سيتمكّن لبنان الرسمي من تنفيذ وعده لغوتيريس بإجراء الإنتخابات في موعدها، أم أنّه سيجد ذرائع عديدة لتطييرها بعد صدور قرار المجلس الدستوري اليوم بشأن الطعن المقدّم؟!