هيام عيد - الديار
على الرغم من تراجع منسوب الحملات ما بين «حركة أمل» و «التيار الوطني الحر»، فإن أوساطاً نيابية واسعة الإطلاع، لا تتوقّع ظهور تحوّلات في مشهد العلاقات على خط عين التينة وميرنا الشالوحي، في المدى المنظور، مشيرةً إلى أن مبادرة التهدئة التي انطلقت أخيراً، لا تزال متوقفة عند تفاصيل توجّهات الفريقين بالنسبة للإستحقاق الإنتخابي النيابي المقبل، حيث أن ما يتردّد عن عدم توصّل أعضاء المجلس الدستوري إلى قرار واحد، أو بالأحرى الإتفاق على مقاربة واحدة للطعن المقدّم من كتلة «لبنان القوي» بتعديلات قانون الإنتخاب، ما زال يُرخي ظلالاً سلبية على مجمل حركة الإتصالات التي تقوم بها أطراف حزبية نشطت على خط التهدئة في الأسبوع الماضي، ونجحت في فرض حال من «الهدنة» عن القصف السياسي والإعلامي، والذي يحمل طابع تصفية الحسابات السياسية القديمة العالقة بين الطرفين، والتي تتجدّد عند كل استحقاق مهما كانت طبيعته، سواء أكانت دستورية أو مالية أو إدارية أو حتى «إغترابية».
وانطلاقاً من هذه الأجواء، تقول الأوساط النيابية أن الصراع الذي فرض نفسه على روزنامة الحكومة، كما المجلس النيابي، واليوم على المجلس الدستوري أيضاً، قد وصل إلى نقطة بات من الصعب احتواؤه أو على الأقلّ تسويته من قبل حزب الله، الذي يعمل من أجل البحث عن الحلول بسرعة والحؤول دون تكبير المشكلة، والوقوف في وجه زيادة المشاكل أمام الحكومة كما أمام اللبنانيين، وذلك بعدما انسحب الخلاف السياسي بين «أمل» و «التيار الوطني الحر»، على عمل المؤسّسات الدستورية حيث تُرجم تعطيلاً وشللاً. وبالتالي، فإن التحديات متعدّدة اليوم أمام الوسطاء الذين اصطدموا في الساعات الماضية، بتصاعد وتشعّب السجال بين الجانبين، وهو ما قد يُنذر بالأسوأ في حال استمرّ في المرحلة المقبلة.
ووسط هذه الضبابية التي لا تزال تحيط بحركة الوساطة، تشير الأوساط النيابية ذاتها، الى أن كل المكوّنات السياسية، وليس فقط «التيار» و «الحركة»، هي محكومة بالبحث عن تفاهم أو تسوية بعدما امتدّ التباين في المقاربات إزاء ملفات داخلية، إلى الرئاستين الأولى والثانية، مع العلم أنه سبق لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، أن حذّر من «الأسوأ»، في حال بقي مشهد الفوضى والتراشق السياسي، عنوان المعادلة السياسية الداخلية، لا سيما في لحظةٍ تتطلّب من كل المسؤولين الإلتفات إلى الأزمات التي يعانيها المواطنون في كل المناطق، ومن كل الأحزاب والتيارات نتيجة مفاعيل المشكلة الإقتصادية والمعيشية الحادة.
وبرأي الأوساط النيابية نفسها، فإن الإشتباك السياسي، ما زال يدور في حلقة واحدة، وبنتيجته ترتفع وتيرة منسوب النزاع والحملات، ولذلك، فإن معالجته يجب أن تكون جذرية، خـــصوصاً في ظلّ وجود توجّهات لدى البعض إلى دفع استحقاقات بعيدة إلى واجهة المشــهد السياسي، من أجل الوصول إلى حلول شــاملة وليس جزئية أو سطــحية للخلاف الحالي، وهو ما درجت عليه العادة في المراحل السابقة التي كانت تشــهد مواجهات مماثلة، وعلى المستوى عينه من الخطورة والدقة، إنما بفارق كبير اليوم، وهو أن استمرار التجاذب يلغي كل حظوظ الإنقاذ، ويُقفل نوافذ الأمل بالخروج من نفق الإنهيار.