محمد علوش - الديار
في تموز الماضي فتح وزير الصحة السابق حمد حسن باب الاستيراد الطارىء للدواء، الأمر الذي لم يدم سوى لأسابيع قليلة، عاد الباب بعدها ليُقفل من خلال ممارسة الوزير الحالي فراس الأبيض، واليوم بعد الأزمة الكبيرة التي تعصف بسوق الدواء وانقطاع أدوية الامراض المزمنة من الاسواق، بعد تغيير آلية الدعم وطلب مصرف لبنان للموافقة المسبقة على أي عملية استيراد، قرر الابيض فتح باب التسجيل المبدئي للدواء واستيراده.
في السابق، لفتت اللجنة المكلفة تسجيل الدواء في وزارة الصحة نظر حمد حسن الى أنها غير قادرة على دراسة الملفات الكثيرة التي ستُقدّم إليها بحال فُتح باب الاستيراد الطارىء، فقام الوزير بإصدار قرار يتعلق بتعيين خبراء استشاريين لمساعدة اللجنة والبت بطلبات الاستيراد الطارىء، فشُكلت اللجنة من 6 خبراء يمثلون 4 جامعات كبرى، ونقابة الصيادلة وعضو مقرر، وكانت مهمة اللجنة المساعدة بدراسة الملفات قبل إحالتها الى اللجنة المختصة، ولكن أيضاً لم يُكتب للجنة المساعدة أن تستمر، لان للأبيض مخططات أخرى، حيث قام اليوم بتشكيل لجنة جديدة مهمتها دراسة الطلبات، مكونة من 4 أعضاء برئاسة كوليت رعيده، رئيسة اللجنة الفنية المكلفة تسجيل الدواء بوزارة الصحة، والتي تُهمل دراسة ملفات أدوية لوقت طويل، بحسب مصادر طبية مطلعة.
وتُشير المصادر إلى أن الشركات الكبيرة العاملة على خط استيراد الأدوية اعترضت سابقاً على فتح باب الاستيراد الطارىء لأن الشروط لم تكن كافية لوصول أدوية ذات جودة مرتفعة، على اعتبار أن الشهادات المطلوبة للاستيراد قد لا تكون صادرة عن جهات دولية موثوقة وهي موجودة لدى مصانع أدوية سيئة للغاية.
لكن مصادر نقابة مستوردي الأدوية، تؤكد عبر «الديار» رداً على سؤال عن موقفها من القرار الجديد أن الشركات تفضّل دائماً أن تكون عملية استيراد الدواء طبيعية ويخضع للتسجيل العادي كما كل الادوية، مبدية بنفس الوقت تفهمها لكون هذا القرار يشكل استثناءً بظروف استثنائية، مشيرة الى أن الشروط المتعلقة بالجودة والتسعير قد تكون عادلة وغير مستحيلة، إنما يجب أن يكون هناك تشدداً على جودة الأدوية.
بعد الحديث عن شروط التسجيل المبدئي للدواء، أورد قرار الوزير التفاصيل المتعلقة بالأسعار:
بالنسبة الى الدواء المثيل غير المدعوم، شريحة A1 ، فيجب أن يكون سعر الدواء المستورد الجديد أقل 20 بالمئة من سعر المبيع للعموم للدواء الاساسي المسجل للأدوية المستوردة من بلدان مرجعية، 25 بالمئة أقل بالنسبة للأدوية المستوردة من بلدان عربية وتركيا، و30 بالمئة أقل بالنسبة للأدوية المستوردة من البلدان غير المرجعية.
وفيما يتعلق بالدواء المثيل المدعوم A2، و B، فيجب أن يساوي سعر الدواء الجديد المستورد أو يكون أقل من سعر المبيع للعموم للدواء الاساسي المسجل للأدوية المستوردة من بلدان مرجعية، 10 بالمئة أقل للمستوردة من بلدان عربية وتركيا، و25 بالمئة أقل بالنسبة للمستوردة من بلدان غير مرجعية.
يشترط الوزير أن يكون سعر الدواء المستورد أقل من سعر الدواء الموجود في لبنان، وبالتالي فإن هذا الشرط يؤكد وجود أدوية تُستعمل لنفس الامراض، وبجودة مرتفعة، بأسعار أقل من تلك التي تُباع بها مثيلاتها في لبنان، ولو بنسب قليلة، ما يدحض نظرية أن الدواء في لبنان هو الأرخص.
في المادة الخامسة من قرار أبيض يقول: «تُطبق سياسة الدعم على هذه الأدوية بعد حصولها على التسجيل النهائي وفق الآلية المتبعة للأدوية المثيلة». ماذا تعني هذه المادة؟
وتكشف المصادر أن الهدف من الاستيراد المبدئي هو تلبية السوق بأسرع وقت بأدوية أرخص، ولكنها لن تكون خاضعة للدعم الا بعد تسجيلها النهائي أي بعد أشهر، وبالتالي يجب ان توفر شروط التسعير دون دعم.
وتضيف: «الوزير يريد أن لا يخضع الدواء الجديد المستورد لأي دعم، قبل تسجيله النهائي، وأن يكون سعر الدواء المستورد أقل من سعر الدواء الموجود في لبنان، وبالتالي فإن هذا الشرط المستحيل الذي يفرض عدم مساواة واضحة بين الادوية والشركات يُراد منه فشل هذا المشروع إن أبصر النور، وهو وإن كان قد ينجح على شريحة الأدوية A1 المدعومة بنسبة 25 بالمئة، أو الأدوية غير المدعومة إطلاقاً، ولكنه لن ينجح على باقي الادوية التي يزيد سعرها عن 75 ألف ليرة بالسوق، فعلى سبيل المثال إذا كان الدواء للسرطان يُباع في لبنان بمبلغ 750 ألف ليرة، ويخضع لدعم كامل، أي 500 دولار أميركي، فهذا يعني ان الدواء المطلوب استيراده وبيعه بأقل من 750 ألف، أي أقل من 28 دولارا على سعر السوق اليوم، يجب أن يكون سعره بالخارج أقل من 25 دولار أميركي، وهذا أمر لا يتوفر بأي دواء جيد، وبحال كان يتوفر بهذه كارثة وفضيحة كبرى إذ نشتري الدواء بـ 500 دولار بينما يتواجد مثله بـ 25 دولارا.
أما إذا أراد الوزير من الشركات انتظار التسجيل النهائي للأدوية، فلا داعي عندها لهذا القرار الطارىء، وما عليه سوى أن يطلب من اعضاء اللجنة الفنية أن يفرجوا عن ملفات الأدوية الموجودة في جوارير اللجنة، لتسجيلها بأسرع وقت ممكن لأن فيها أدوية أرخص من مثيلاتها في لبنان بحوالي 50 بالمئة!