فادي عيد - الديار
علم أن اتصالات جرت في الساعات الماضية بغية التوصل إلى صيغة من شأنها أن تعيد جلسات مجلس الوزراء إلى الإنعقاد، ولكنها اصطدمت بالتصلّب والشروط والشروط المضادة من قبل معظم الأطراف المشاركة في هذه الحكومة، وينقل أن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، في صدد التوجّه إلى الخارج في فترة الأعياد، وبالتالي، هو يترقّب بعض الأجواء الخارجية المرتبطة حصراً بالملف اللبناني، وتحديداً ما يتعلّق بإعلان جدة، إلى زيارته للقاهرة ولقائه كبار المسؤولين فيها، ما يدلّ أنه يراهن على صيغة عربية ـ دولية، تعيد مجلس الوزراء إلى الإنعقاد، وهذا ما ألمح إليه أيضاً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، عندما أبدى استياءه كيف أن مجلس الوزراء يبقى معطّلاً وينتظر الحلول العربية والدولية، بمعنى أن سيد بكركي على دراية تامة بما يحصل من صعوبات وعقد تعيق عودة العمل الحكومي.
وبناء على هذه المعطيات، يُتوقّع وفق أجواء عليمة، أن يكون الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد بحث مسألة تعطيل الحكومة مع كل من رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال عون ونجيب ميقاتي، وهذا ما أشار إليه أحد السفراء الغربيين في مجلس خاص، على خلفية المخاوف الدولية والأممية، مما يحصل في لبنان من تعطيل للمؤسّسات الدستورية، ولا سيما مجلس الوزراء، وهذا ما يؤدي إلى تفاقم المشكلات الحياتية والمعيشية والإقتصادية.
وعلى خط آخر، ثمة أجواء يشير إليها أحد المرجعيات السياسية، بأن تعطيل مجلس الوزراء قد يستمرّ إلى نهاية العهد، لأن المحسوم لأكثر من دلالة سياسية وحسابات إنتخابية، فإن الحكومة الحالية لن تستقيل، مما يتيح التمديد لرئيس الجمهورية أو الدخول في فراغ قد يطول لفترة طويلة، وعلى هذه الخلفية، بدأ ميقاتي يركّز على عقد مجالس وزارية مصغّرة، وقد تعمّد الإيحاء بذلك لدى مغادرته قصر بعبدا إثر زيارته الأخيرة، بمعنى أن لبنان دخل، وبقوة، في أجواء الإستحقاقات الدستورية المقبلة، بعدما تأكد أن الإنتخابات النيابية ستحصل في موعدها المحدّد، إلا في حالة واحدة تتمثل بتطوّر أمني كبير، وخصوصاً أن الأمين العام للأمم المتحدة كان قد شدّد في كل لقاءاته التي عقدها، على ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية، لا بل أنه ألمح إلى عقوبات وإجراءات قاسية حيال كل من يسعى إلى تعطيل هذا الإستحقاق.
من هذا المنطلق، ثمة تخوّف يبديه المرجع المذكور، من أن يؤخّذ البلد إلى الفوضى على أكثر من خلفية سياسية محلية وإقليمية، وأبرزها الهروب من الإنتخابات وتعطيلها، ومن ثم ترقّب ما يحصل في فيينا من مفاوضات، يبدو أنها ستطول ولن تُحرز أي تقدّم، إلى انتظار ما سترسو عليه عملية ترسيم الحدود البرية والبحرية مع «إسرائيل»، وعندئذ قد تتوضّح مشهدية الوضع الداخلي من مختلف جوانبه، إلا في حال حدوث ما لم يكن في الحسبان من اهتزازات أمنية محتملة، بينما يبقى الإستحقاق الرئاسي منطلقاً لرفع منسوب التصعيد السياسي على خلفية تصفية الحسابات بين أكثر من جهة سياسية، وقد تكون هذه الإنتخابات أصعب وأخطر بكثير مما كان عليه الوضع أواخر الثمانينات في ظل الإصطفافات السياسية الراهنة، إضافة إلى ما يفضي إليه أكثر من زعيم عربي وغربي من تهديدات للمسؤولين اللبنانيين بفرض عقوبات قاسية عليهم مما يؤشّر، وبالملموس، أن الصورة ما زالت ضبابية ويكتنفها الغموض أمام هذا الكمّ من الأزمات والخلافات الداخلية.