فادي عيد - الديار
تكتسب زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى بيروت اليوم، والتي تستمر حتى يوم الأربعاء المقبل، أكثر من طابع لجهة التوقيت كما لجهة الأهداف التي ستحملها روزنامته السياسية والإجتماعية للشعب اللبناني أولاً، وذلك، بعدما أعلن قبيل وصوله عن أنه يزور لبنان للتضامن مع الشعب اللبناني، ويؤكد وقوف ودعم الأمم المتحدة له في الظروف الصعبة التي يواجهها اللبنانيون في هذه المرحلة الصعبة والمصيرية.
وترى مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع، أن الأمين العام للأمم المتحدة، لا يحمل طبعاً خارطة حلول للأزمات الإجتماعية والإقتصادية والمالية في لبنان، وخصوصاً، أنه استبق أي توقّعات بالتأكيد على أن إيجاد الحلول الدائمة للمشاكل والأزمات، لن يأتي من خارج الحدود، أي من المبادرات والمؤتمرات الخارجية، بل من الداخل اللبناني، ومن قبل المسؤولين اللبنانيين بالذات، والذين باتوا اليوم، أمام تحدي تقديم المصلحة العليا للبنان على أي مصالح أخرى، مهما كانت طبيعتها.
ووفق هذه المصادر، فإن الخطوتين الأساسيتين أمام القوى السياسية اللبنانية على مختلف مشاربها، وفق المجتمع الدولي والذي سينقل موقفه إلى لبنان الأمين العام للأمم المتحدة، هما الإصلاحات الضرورية، والملحة أولاً، والإنتخابات النيابية ثانياً، كون هاتين الخطوتين تشكّلان السبيل الوحيد الذي سيكفل للبنان وضع ركائز المستقبل.
وفي الوقت الذي يبدو فيه الأفق السياسي، وبشكل خاص الحكومي، مقفلاً أمام كل المعالجات الجارية على أكثر من خط، فإن المصادر الديبلوماسية نفسها، تكشف أن الأمين العام للأمم المتحدة، سوف يعرض في لقاءاته مع الرؤساء الثلاثة ، والمسؤولين الروحيين كما مع ممثلين عن المجتمع المدني الذين سيلتقيهم خلال زيارته، مدى حجم المخاوف والقلق لدى المجتمع الدولي، كما لدى الأمم المتحدة، من أي تطورات دراماتيكية في لبنان، قد تنتج من استمرار الأزمة السياسية، والتي تؤخر الحلول للأزمة الإجتماعية التي يتعرّض لها الشعب اللبناني، وتفتح الباب واسعاً أمام تفاقم مناخ التوتر على مستوى المجتمع الذي يعاني أصلاً من تداعيات الأزمة المالية وانهيار العملة الوطنية، وتآكل القدرة الشرائية للأجور وزيادة خطر الفوضى والجوع.
والأبرز في التزامن بين زيارة غوتيريش وإعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن قرار دولي بعدم سقوط لبنان، هو التذكير بأن المظلّة الدولية فوق لبنان ما زالت قائمة على حدّ قول هذه المصادر، والتي أبدت خشيتها من أن يسبق الإشتباك السياسي الحالي، كل محاولات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لمساعدة لبنان على الخروج من واقعه المتردّي على كل المستويات، وأن يُسقط بالتالي كل مفاعيل الدعم الأممي، والذي سيحصل عليه لبنان من جراء زيارة الأمين العام للأمم المتحدة.
وانطلاقاً من هذا المشهد المعقّد الذي يواجه غوتيريش اليوم في بيروت، تتوقّع المصادر الديبلوماسية نفسها، أن تكون رسالته المباشرة بعد رسالته السابقة، إلى اللبنانيين، بالإفادة من فترة السماح الدولية وبالقرار الجدّي بالمساعدة، وذلك، من أجل لجم الآثار الكارثية للإنهيار المتسارع في كل القطاعات المالية والإقتصادية، والذي سيؤدي، وبشكل حتمي، إلى مضاعفة الأخطار والمآسي للشعب اللبناني، كما للنازحين السوريين الذين تدعمهم الأمم المتحدة، وتؤمّن لهم المقوّمات الضرورية للحياة الكريمة على كافة الصعد الخدماتية من صحية وتربوية ومعيشية.