باتريك إيليّا أبي خليل
يتجلّى واضحاً في الآونة الأخيرة السباق على اقتناء أسلحة حاسمة مفاجِئة للأهداف العاجزة عن استباقها وصدّها، تتصدّر روسيا لحينه الدول المنافسة والناجحة في إنتاجها واستعراضها في شكل صواريخ كينزال وزيركون فائقة السرعة والمدفوعة بواسطة محرّك نفاث لتفوق سرعة الصوت بأضعاف، أو في صورة مركبات إنزلاقيّة فرط صوتيّة أفانغارد تُحمَل على صواريخ باليستيّة إلى أعلى طبقات الغلاف الجويّ قبل أن تنطلق إلى أهدافها ...
في هذا السياق، تسعى الدول العظمى إلى تطوير ترسانتها الصاروخيّة فائقة الصوتيّة لتتجاوز سرعتها الـ ماخ 5 إلى الـ ماخ 20 لما تقدّمه من ميزة استراتيجيّة لجيوشها، كونها تتماكر على الدفاعات الصاروخيّة المضادة وأنظمة الرصد والتحذير بقدرة مناورة عالية من جهة، وتقوى على ولوج أيّ بقعة أرضيّة في غضون ساعة واحدة من جهة أخرى، والأهمّ الأخطر قدرتها ربطاً بسِمَتيها السابقتين على حمل رؤوس نوويّة.
من هنا، تتسابق الدول على اقتناء هذه التكنولوجيا وتطويرها. فالولايات المتّحدة المتوجّسة من فشل درعها الصاروخيّ المنتشر حول العالم في التصدّي لصواريخ الجيل الجديد، رغم التكلفة الباهظة التي استوجبها إنشاؤه على مدى عقود من الزمن، تجد نفسها أمام تباه وانشراح روسيّ في الإكتشاف الجديد. فعمدت إلى جعل تطوير الأسلحة التى تفوق سرعة الصوت فى أولى اهتماماتها، وهرعت إلى اختبار أوّلي لنموذج صاروخ فرط صوتيّ لنظام إتش إيه دبليو سي تكلّل بالنجاح متخطّياً الـ ماخ 5، إلّا أنّ الإختبار الثاني تلقّى صفعة في إعلان فشله الذي تلا بأيّام قليلة نجاح اختبار مركبة إنزلاقيّة صينيّة، أصابت هدفها الرامي إلى إظهار شَكاسَة الصين في تطوير ترسانتها العسكريّة "بسرعة ماخيّة".
ودخلت كوريا الشماليّة والهند في نادي دول الـ سوبر توربو. فالأولى أطلقت إسم هواسونغ-8 على صاروخها فائق الصوت في تحدّ متواصل لجارتها الجنوبيّة ورعاتها الأميركيّين، فيما اعتبرت الهند نجاح تجربة صاروخها الباليستيّ العابر للقارات أكني- في 7 رسالة إستراتيجيّة حازمة بوجه الصين وسط التوتّر المستمرّ منذ حوالي السنتين على الحدود بينهما.
ما بان واضحاً في سباق الـ هايبر سونيك العالميّ أنّ إطلاق الصواريخ فائقة الصوت بات ممكناً من منصّات متنوّعة ومتغيّرة، إن في البرّ أو البحر أو الجوّ. وحتّى هذه اللّحظة يفتقر أيّ نظام دفاع صاروخيّ في العالم إلى القدرة على ردعها ونهيها بحزم ويقين. الأمر الذي دفع فرنسا إلى إنشاء مشروع تويستر للدفاع الصاروخيّ الكاشف للخروقات من الفضاء والقادر على اعتراضها داخل الغلاف الجويّ. كما وتعمل ألمانيا، أستراليا، كوريا الجنوبيّة، إسرائيل، اليابان وإيران على مشاريع وأبحاث لتطوير أنظمتها الصاروخيّة تماشياً مع قطار التطوّر الرشيق وتقنيّاته الحديثة. ما يُنذر بانغماس في حرب باردة جديدة، لكن هذه المرّة قد تدور أحداثها في منطقة المحيطين الهنديّ والهادئ حيث التنمّر الشرقيّ والتذمّر الغربيّ.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا