خالد عرار - الديار
امتلك حزب الله الرواية الكاملة لملف نيترات المرفأ التي انفجر ما تبقّى منها في الرابع من آب ٢٠٢٠، و لم يترك أي تفصيل إلا وأحاطه بعناية بالغة، ودعمها بالوثائق كافة التي قد تنشر ووصفت بالصادمة، وبات يمتلك أيضاً كل المعلومات عن الفريق البشري الذي ساهم في إيصالها إلى مرفأ بيروت وإفراغها وتخزينها في العنبر رقم ١٢ و تفجيرها عن قصد أو غير قصد.
كل ما تقدم جاء وفق مصدر سياسي متابع وقريب جداً من دوائر القرار التي تصر على إبعاد هذا الملف عن التسيس والإستثمار والذهاب نحو تحقيق عادل وشفاف، ويضيف المصدر نفسه أن امتلاك حزب الله لكل الوثائق المرتبطة بملف النيترات جاء بعد جهد كبير تضمن لقاءات مكثفة ومشاورات على قدر كبير من الأهمية وتقارير أمنية حرفية محلية وخارجية.
من هنا كانت ردة فعل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله التي جاءت بشكل تدريجي وتصاعدي، وعلى شكل تحذيري ليس للمعنيين بالتحقيق العدلي وحسب، بل للأميركيين الذين يتدخلون بشكل مباشر في تحقيق انفجار المرفأ وبانتهاك جديد يضاف إلى انتهاكاتهم السابقة للسيادة اللبنانية، ولأنهم يريدون إبقاء التحقيق ضمن جدول التوظيف السياسي لتصفية الحساب مع المقاومة وحلفائها، ولإحداث الفوضى في لبنان قبل رحيلهم من المنطقة كما فعلوا في أفغانستان وما سيفعلونه في العراق.
ردة فعل السيد حسن نصر الله لم تكن على خلفية استدعاءات المحقق العدلي، الذي نخشى عليه من الوقوع في شرك الإغراء الأميركي، وليست على مذكرات الإحضار لهذا الوزير أو ذاك المسؤول، بل على ما يصبو إليه ويخطط له الأميركيون عبر القاضي بيطار. ما يصبو إليه الأميركيون واضح الأهداف، يؤكد المصدر، لا يحتاج الى جهد كبير الى التمحيص والبحث، فسلوك سفيرة الولايات المتحدة في بيروت وحركتها المكوكية تترافق مع حركة ديبلوماسيين غربيين، ومع مواكبة إعلامية محلية وعربية كافٍ لاتهام الأميركيين لتدخلهم الفظ والمباشر بالتحقيق الجاري.
ولفت المصدر الى أنه بالرغم من التحذير التدريجي من قبل قيادة حزب الله بضرورة وقف الإستثمار السياسي، إلا أن الجهة المعنية بالتحقيق العدلي مستمرة بالإستثمار والتسيس، غير آبهة لدماء الضحايا والجرحى الذين سقطوا في انفجار ٤ آب، لذلك اتخذ حزب الله وحلفاؤه القرار الحاسم بقطع الطريق والتصدي للخطة الأميركية التي تستهدف المقاومة وحلفاءها وتستهدف السلم الأهلي والوحدة الوطنية، وسوف يعملون على إعادة الأمور إلى نصابها وإعادة التحقيق الى مساره العدلي بعيداً عن التوظيف السياسي الذي يوصل الى حقيقة ما حصل، ويُنصف أهل الضحايا وأصحاب الأملاك التي دمرت.
وحذر المصدر الفريق المحلي والخارجي الذي يعمل على استغلال انفجار المرفأ وتوظيفه بالسياسة، بأن حزب الله و حلفاءه سوف يسقطون هذه المسرحية كما أسقطوا فبركة شهود الزور في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما رافقها من استباحة لكل ما له علاقة بالدولة، لا سيما السلطات القضائية والأجهزة الأمنية وترك البلد مكشوفاً أمام جواسيس الغرب أمثال فيتز جيرالد وديتلف ميلس.
كما حذر المصدر، الجهة التي أطلقت النار على المحتجين الذين تجمّعوا على دوار الطيونه، مستنكرين سلوك القاضي بيطار، لأن الوثائق التي يمتلكها حزب الله قد تظهر دوراً لهذه الجهة في انفجار المرفأ.
وختم المصدر بتأييده الدعوة التي أطلقها أحد الخبراء القانونيين التي جاء فيها: «المطلوب اليوم من كل من يدافع عن الحق وعن القضاء المستقل أن يدين القضاة الذين ظلموا الضباط الأربعة وأن يطلب من وزارة العدل اللبنانية كما طلب قاضي المحكمة الدولية من الأمم المتحدة أن تعتذر من الضباط الأربعة عن الظلم الذي لحق بهم لأهداف سياسية وشعبوية، وأن نعمل وبقوة كيلا يتكرر الظلم في قضية تفجير المرفأ رحمة بالشهداء والجرحى ووجع أهلهم وحرصاً على البلد ووحدته».