علي ضاحي - الديار
لم يكن متوقعاً، ان تتحول التظاهرة السلمية في محيط قصر العدل مروراً بالطيونة، الى مجزرة دموية بشعة يسقط خلالها 6 ضحايا واكثر من 30 جريحاً.
وتؤكد اوساط قيادية بارزة في «الثنائي الشيعي» وتحالف 8 آذار، ان التظاهرة لم يتم التحشيد لها واقتصرت على مجموعة من المحامين والحقوقيين وبعض انصار «الثنائي» ومحازبين في «حركة امل» وحزب الله. وبالتالي لم تكن هناك دعوة عامة وعلى مستوى مختلف احزاب 8 آذار، ولم يكن الهدف تظاهرة مليونية مشابهة للتظاهرات التي كانت تحصل خلال الانقسام الكبير بين 2005 و2008، بل ايصال صوت الاعتراض على ممارسات البيطار والدعوة الى اقالته وذلك من تحت قوس العدالة.
وتشير الاوساط الى ان «الثنائي» وفور الاعلان عن حصول المجزرة، ووجود قناصين على اسطح الابنية المحيطة بمكان التجمع على الطيونة، اجرى سلسلة من الاتصالات والمشاورات بين قياداته، وخلصت في اللحظات الاولى الى وجود كمين مسلح وقناصين، ولم يكن هناك اي اشتباك بين المتظاهرين العزل والمسلحين، وهو ما عبر عنه في البيان الاول الصادر عن قيادتي «حركة امل» وحزب الله. وبعد ساعتين، اصدر «الثنائي» بياناً آخر بعد تكشف صورة اولية بالمعطيات والوثائق وتفريغ محتويات الكاميرات المحيطة بالمكان، ولكونها منطقة امنية، وفيها العديد من المراكز والثكنات العسكرية وقربها من مركز الامن العام والعدلية، بالاضافة الى وجود كاميرات لمحال ومؤسسات تجارية محيطة بالمكان، وقد وضعت مخابرات الجيش يدها عليها فور تسلمها التحقيق بأمر من النيابية العامة العسكرية.
وفي المعلومات ووفق الاوساط نفسها، فإن اكثر من 10 اشخاص رصدت تحركاتهم بين الامس وامس الاول، وقد التقوا مسؤولاً امنياً لـ»القوات»، وهؤلاء ظهرت وجوههم في اكثر من كاميرا وهم يطلقون الرصاص على المتظاهرين. وتشير الاوساط الى ان بعض قيادات 8 آذار وبعد سماعها المؤتمر الصحافي للدكتور سمير جعجع استشفت وجود امر مريب و»امر عمليات» لـ»القواتيين» والمناصرين وتخوفت من امر يدبر، ولكن لم يؤخذ الامر على محمل الجد، ولم يكن احد يتصور ان تنصب «القوات» قناصات وتقوم بكمين منظم.
وتقول الاوساط ان ما جرى لن يمر مرور الكرام وسيكون الاحتكام الاولي الى القضاء وتحقيقات الاجهزة الامنية والتعاطي بحكمة وروية، كما جرى في مجزرة خلدة في مطلع آب الماضي، وتشير الى وجود جدية في التعاطي الامني ومسارعة الجيش والقوى العسكرية الى لمّ الوضع ومحاصرة المسلحين والقناصين والقاء القبض على 3 منهم وبعض المسلحين، وكشف هوية اكثر من 10 آخرين، وسينتظر «الثنائي» نتائج التحقيقات والاجراءات القضائية المطلوبة والسريعة.
وتؤكد الاوساط ان «الثنائي» ضنين بالسلم الاهلي والوحدة ومنع الفتنة، ولن يجر الى امر عمليات من السفارة الاميركية الى «القوات» وجعجع بارسال «رسالة امنية مضمونها انه لا يمكن لحزب الله ان ينفذ ما يريد، وان هناك من لديه القدرة على المواجهة».
وعلى ما يبدو، ووفق الاوساط، لم يكن الاميركيون وجعجع يتوقعون انكشاف هوية من قام بالكمين، والامر انقلب الى عكس ما يشتهون، وتشير الى ان المطالبة بإقالة المحقق العدلي طارق البيطار مستمرة وصولاً الى تحقيقه بالطرق السياسية والقضائية.
وتكشف الاوساط ان هناك مخرجاً يعمل عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وينص على نقل ملف الادعاء على الرئيس حسان دياب والنواب الثلاثة: علي حسن خليل، وغازي زعيتر، ونهاد المشنوق، والوزير السابق يوسف فنيانوس، الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهو من اختصاص مجلس النواب، بينما يتابع البيطار تحقيقاته في الملف من ضمن رقابة وضوابط قضائية وعدلية.
كما تكشف الاوساط ان لا قرار من «الثنائي» و8 آذار بتعليق المشاركة في جلسات مجلس الوزراء ولا اعتكاف ولا استقالة راهناً، والامور كلها مرهونة بالتطورات.
في المقابل، ينفي مصدر في «القوات» علاقتها بما جرى في الطيونة، ويؤكد ان موقف «القوات» عبّر عنه رئيسها سمير جعجع، وان ما جرى هو في يد القضاء والجيش والاجهزة فليوقفوا المتورطين، مع تحميل مسؤولية ما جرى لحزب الله وبسبب الاحتقان المسيحي الذي احدثه في الايام الماضية!