هيام عيد - الديار
لم يكن مقنعاً تأكيد الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، بأن الإعتذار عن تأليف الحكومة ليس وارداً في الوقت الراهن، ذلك أن هذا الإعلان ترافق مع كشف للوقائع الفعلية لمسار المباحثات الجارية للتأليف، والتي لا تزال تراوح مكانها، على حدّ قول مصادر نيابية معارضة، في قراءة أولية للمواقف البارزة التي أعلنها الرئيس ميقاتي في إطلالته التلفزيونية الأخيرة. وقالت هذه المصادر، أن المشهد الحكومي قد سلك مساراً مختلفاً مع مرور شهر على تكليف الرئيس ميقاتي، طغت فيه ملامح السلبية أكثر من الإيجابية، ولكن مع ترحيل الحسم إلى الأيام المقبلة بعدما كان مرتقباً بالأمس.
وكشفت المصادر، أن واقع الإحتدام الناشىء على خلفية الإشتباك الكلامي بين دار الفتوى من جهة وقصر بعبدا من جهة أخرى، بعد إصدار المحقّق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، مذكرة إحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، يحمل دلالات على طبيعة المواجهة التي ستتبلور مع اقتراب موعد القرار لدى الرئيس ميقاتي، وتالياً لدى فريقه السياسي المتمثل بنادي رؤساء الحكومات السابقين. وبالتالي، فإن مرحلة سياسية جديدة قد انطلقت ولن تكون ولادة الحكومة عنوانها، على الأقل في الوقت الراهن، حيث باتت كل الأوراق موضوعة على الطاولة من قبل الأفرقاء السياسيين، وتحديداً من المكوّنات الفاعلة على المستوى السياسي راهناً، والتي لا تُصنّف من ضمنها القوى السياسية المعارضة، والتي لا تملك أية هوامش تدخل في القرار الحكومي أو المالي أو الإقتصادي.
وبحسب المصادر النيابية المعارضة، فإن مهمة التكليف ما زالت تتأرجح بين النجاح والفشل، وذلك على الرغم من كل البيانات والمواقف الصادرة عن فريقي التأليف، ذلك أن المسألة لم تعد مرتبطة بالصيغة الحكومية وبتوزيع الحقائب على الطوائف وبالأسماء المقترحة، بل تخطّت هذه البنود إلى بند أساسي وحيد، ويتمثّل بقدرة أي حكومة سيجري الإتفاق عليها على إقناع الشارع بأن الإنقاذ من الأزمات قد أصبح وشيكاً، خصوصاً وأن ما يتم تداوله من أسماء مرشّحة للإنضمام إلى الحكومة العتيدة، لا توحي بأي تناغم ما بين تجربتها السابقة ومهمتها المقبلة، وبالتالي، فإن إمكان اقتناع اللبنانيين أولاً، والمجتمع الدولي ثانياً بالحكومة وبرامجها الإنقاذية، تتضاءل بشكل يومي.
وأضافت المصادر نفسها، أن الإستمرار بالتأخير في تشكيل الحكومة قد بدأ يهدّد دورها بشكل جدّي، لأن الحكومة التي تأتي متأخرة ستكون فارغة من مضمونها الإنقاذي ولن تتمكن من الحصول على المساعدات الدولية الموعودة من الدول المانحة، وستكرّر تجربة الحكومات السابقة التي لم تتمكّن من تقديم خطة إنقاذية تسمح لها بأن تفوز بمليارات الدعم التي تقرّرت للبنان من المجتمع الدولي، والدول المعنية، سواء في مؤتمر «سيدر» أو في مؤتمر روما، أو في المؤتمر الأخير الذي انعقد بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وخُصّصت أمواله للجمعيات الإنسانية ومؤسّسات المجتمع الدولي والصليب الأحمر الدولي في لبنان.