جويل بو يونس - الديار
فيما كانت كل الاجواء، تشير الى عودة مرتقبة للرئيس المكلف سعد الحريري في الساعات ال48 الماضية الى بيروت، وكانت معها تتوجه كل الانظار الى ما قد يقدم عليه حكوميا بعدما حكي عن توجه لديه لتقديم تشكيلة من ٢٤ وزيرا الى بعبدا، على قاعدة: «انا عملت اللي علي لكن بعبدا رفضت»، لم يشهد «بيت الوسط» اي حركة، لا بل بقي هذا المقر صامتا هادئا يترقب هو ايضا عودة صاحبه من السفر.
هذا الهدوء خيم ايضا على المشهد الحكومي الذي لم يشهد بحسب المعلومات اي تحرك او اتصال على خط الوسطاء لا بل بقي الجمود سيد الموقف. جمود لم يخرقه خارجيا الا اجتماع ثلاثي اميركي- فرنسي- سعودي عقد في ايطاليا واتخذ طابعا بالغ الاهمية لطرحه ملف لبنان على الطاولة بمشاركة سعودية للمرة الاولى منذ نأي المملكة عن ملف لبنان.
هذا الحراك الخارجي ترك آثاره داخليا فخرقت الجمود احاديث اعلامية وتحليلات سياسية مفادها «ان الحريري اتخذ قراره بالاعتذار». هذه المعلومات علقت عليها مصادر مقربة من الحريري بالقول ان الاعتذار لا يزال خيارا موجودا، الا ان الامور لا تزال حتى اللحظة بالنسبة له متروكة لامكان معالجة العقد الحكومية قبل اتخاذ هكذا قرار. لكن ما تشدد عليه المصادر هو ان المسألة الاهم بالنسبة له هي البحث في مرحلة ما بعد الاعتذار التي يجب ان تكون مدروسة والا تترك للفوضى، بما معناه ان الحريري لن يعتذر قبل التأكد مما هو آت على الصعيد الحكومي، فاذا كان التوجه لحكومة انتخابات، فانه قد يقبل هكذا حكومة، لكن الاكيد ان من سيتولاها لن يقبل ما رفضه الحريري سابقا، اي انه لن يقبل ثلثا معطلا حتى بحكومة انتخابات.
ولكن ماذا عن طرح اسم الرئيس ميقاتي اعلاميا وان الحريري يسير بهكذا طرح؟ ترد المصادر المقربة من الحريري بالقول : قد لا يمانع ميقاتي ترؤس حكومة انتخابات، لكن الاكيد انه لن يقبل ما لم يقبله الحريري.
وهل يعتذر الحريري قريبا؟ تكشف المصادر نفسها، ان هذا الخيار بات الارجح، وتضيف وهنا الاهم: الحريري يشعر بما يحصل في الشارع، ومع الاسف فمن يحرك الشارع نجح في ان يأخذ الحريري باتجاه طريق الاعتذار!
على خط بعبدا، لا تزال دوائرها تترقب عودة الحريري، فيما اشارت مصادر مطلعة على جوها ، الى ان هذه العودة الموعودة لم تعد تحمل في طياتها أملا باختراق حكومي فعلي، لكن فلننتظر ونر، لتؤكد ان لا جديد في بعبدا.
المصادر التي تؤكد على حال الجمود القاتلة حكوميا، اعتبرت ان هذا الجمود له دلالات ثلاث ابرزها تمثل بعدم عودة الحريري الى بيروت، وبعدم تفعيل مبادرة بري وكلام السيد نصرالله من انه سيتجاوب مع طرح رئيس التيار، اما الدليل الثالث، وهذا الاهم فهو بالعودة السعودية الى الملف اللبناني عبر اجتماع ايطاليا.
هذا الاجتماع وصفته اوساط بارزة مطلعة على جو المفاوضات الحكومية سابقا بالمهم، كاشفة عن معلومات مفادها ان وزير الخارجية السعودية كان باردا في حديثه عندما طرح الاميركي والفرنسي ملف لبنان، وهو لم يكن يتوقع ان يفتح هذا الملف. وتلفت الاوساط الى ان الوزير السعودي كان متجاوبا لكن في اطار ضيق، اذ اكد ان هذا الموضوع يدرس في الادارة السعودية اي بيد ولي العهد.
وتضيف الاوساط ان هذا العنصر الجديد الذي دخل هو الذي يفسر الجمود الحكومي اللبناني وهو يتطلب وقتا لتتبلور نتائجه اما سلبا واما ايجابا، الاوساط نفسها تشير الى ان الحريري يبدو انه اتخذ قرار ه بالاعتذار، لكنه يبحث بالتوقيت المناسب وهو الاهم بالنسبة له، اذ انه لا يريد ان يرمي ورقة الاعتذار من دون ان يستثمرها سياسيا، وهو يريد ان يحدث عبر الاعتذار خضة سياسية اجتماعية ليستثمرها بالانتخابات النيابية. ولم تستبعد الاوساط ان يكون الحريري يفكر في ان يكرر تجربة والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام ٢٠٠٤ عندما وضع اعتذاره بيد الرئيس اميل لحود آنذاك تمهيدا لخوض الانتخابات في العام ٢٠٠٥ لكنه استشهد ، مع الاسف، قبل الانتخابات.
وبالتالي، توضح الاوساط المطلعة على جو المفاوضات، ان الحريري يعمل على تهيئة الارضية وخلق عصبية معينة فيماطل في تقديم الاعتذار قبل ان يقدمه في توقيت يحدث فيه الخضة السياسية المطلوبة.
وعليه يختم مصدر متابع في ٨ آذار بالقول : يبدو ان الكل منكفئ حكوميا والمشهد يترقب ٣ انتظارات:
- الاول: انتظار عودة الحريري (علما ان اوساطا بارزة تؤكد انها مسألة ساعات).
- الثاني: تفعيل مبادرة بري ووساطة حزب الله.
- الثالث: وهذا الاهم انتظار نتيجة محصلة اجتماع ايطاليا!
اما اعتذار الحريري فوارد ومرجح لكن توقيته قد يحتاج الى وقت اضافي!
وهنا يكشف المصدر ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يتبلغ باي شيء يفيد باعتذار الحريري قريبا، فالرئيس المكلف لم يبلغ رئيس البرلمان بعد اي شيء، والاكيد ان اي خطوة سينسقها الحريري مع بري قبل اتخاذه اي قرار. ليختم المصدر بالقول : توقيت اعتذار الحريري خاضع لحساباته هو في ميزان «الخسارة والربح»!