التعبئة العامة واجبة... ولكن هل يحتمل لبنان اعلان حالة طوارئ بما يعنيه ذلك قانونا؟
التعبئة العامة واجبة... ولكن هل يحتمل لبنان اعلان حالة طوارئ بما يعنيه ذلك قانونا؟

خاص - Saturday, March 14, 2020 4:26:00 PM

لم يكن لبنان ينتظر الـ21 من شباط، لتبدأ حالة التوجّس المبرّرة من فيروس "كورونا". فالقلق بدأ مع تسجيل أوّل حالة للفيروس خارج الصين، لا سيّما وأن القطاع الصحي اللبناني يعاني ما يعانيه من أزمات، سواء تلك المرتبطة بسعر الصرف واستيراد المعدات الطبيّة والأدوية، أو تلك المتعلّقة بمستحقات المستشفيات لدى الدولة والارباح الدفترية، وكانت قد ادّت من جملة ما ادّت اليه في مرحلة سابقة، الى اقفال مستشفيات أو طوابق فيها والاستغناء عن ممرضات وممرضين وعاملين.

اليوم ومع تزايد نسبة الاصابة، الخوف الاكبر، من أن يتخطّى عدد المصابين، عدد الاسرّة الممكن أن تستوعب الحالات الواجب معالجتها.

يبدو أن طارئة "كورونا"، اذا،  باتت تستدعي فعلا "حالة طوارئ"، ولكن كيف يفسّر القانون اللبناني حالة الطوارئ، وهل هي نفسها ما يطلبه المواطنون؟

من ناحية قانونية، يحصر المرسوم الاشتراعي رقم 52 الصادر في 5 آب من العام 1967، إعلان حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية في جميع الأراضي اللبناني أو جزء منها بـ" تعرض البلاد لخطر داهم ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلحة أو أعمال أو اضطرابات تهدد النظام العام والأمن أو عند وقوع أحداث تأخذ طابع الكارثة".

وهنا، ما يتوجّب السؤال، هل يجب الانتظار لاعلان الطوارئ، وقوع الكارثة؟

يبدو أن هذا ما دفع بالحكومة في مرحلة اولى الى التردّد في اعلان حالة الطوارئ. الكارثة الصحية لم تقع بعد. ولكنها واقعة لا محالة ان استمرّ الامر على ما هو عليه، مع ارتفاع نسبة الاصابات جرّاء الفيروس.

فهل يتفق مجلس الوزراء على اتخاذ مثل هذه الخطوة؟

يحتاج إعلان حالة الطوارئ إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء، وفق البند 5 من المادة 65 من الدستور اللبناني. اما النصاب القانوني، فيكون ثلثي اعضاء المجلس.

اذا تعذّر اذا في هذه الحالة اتخاذ قرار اعلان حالة الطوارئ توافقيا، يمكن اتخاذه بالتصويت بأكثرية الحضور.

ولكن ماذا يعني عمليا اعلان حالة الطوارئ؟

من بين ما يعنيه إعلان حالة الطوارئ، أن تتولى السلطة العسكرية العليا (التي تندرج تحتها كل القوى المسلحة) صلاحية المحافظة على الأمن.

فماذا يقول قانون الدفاع الوطني عن الامر؟

تنصّ المادة 2 من قانون الدفاع الوطني، على أنه اذا تعرض الوطن او جزء من اراضيه او قطاع من قطاعاته العامة (ومن بينها بطبيعة الحال القطاع الصحي) او مجموعة من السكان للخطر فيمكن عندها اعلان حالة التأهب الكلي او الجزئي واعلان حالة التعبئة العامة او الجزئية.

تهدف حالة التأهب الى الحد من تعرض السكان والمنشآت الحيوية للخطر، ولتأمين عمليات التعبئة واستخدام القوى المسلحة.

تهدف حالة التعبئة بحسب المادة 2 ايضا الى تنفيذ جميع او بعض الخطط المقررة. تعلن التدابير المذكورة بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على انهاء المجلس الاعلى للدفاع.

يمكن ان تتضمن هذه المراسيم احكاما خاصة تهدف الى:

1- فرض الرقابة على مصادر الطاقة وتنظيم توزيعها.

2- فرض الرقابة على المواد الاولية والانتاج الصناعي والمواد التموينية وتنظيم استيرادها وخزنها وتصديرها وتوزيعها.

 3- تنظيم ومراقبة النقل والانتقال والمواصلات والاتصالات.

 4- مصادرة الاشخاص والاموال وفرض الخدمات على الاشخاص المعنويين والحقيقيين وفي هذه الحالة تراعى الاحكام الدستورية والقانونية المتعلقة باعلان حالة الطوارىء.

وعلى أهمية هذه المراسيم لناحية مواجهة الطارئة الصحيّة اليوم، الّا أن اسئلة كثيرا تطرح حول الطوارئ العسكرية، أو بتعبير آخر، الحكم العسكري في الظروف التي تعيشها البلاد منذ 17 تشرين الاول. ذلك بالاضافة الى عدد من المعضلات الاقتصادية لحالة الطوارئ هذه.

فإلى جانب ما قد تعنيه للمياومين مثلا ممّن يعملون للاستحصال على "خبزهم اليومي"، وما قد يعنيه الامر لعائلاتهم، وما تعنيه حالة الطوارئ على صعيد اقتصادي، وكيف قد ينعكس ذلك على اقتصاد منهار أصلا يحاول عدد من ارباب العمل فيه التنصّل أساسا من مسؤولياتهم تجاه العمّال، يرتّب اعلان حالة الطوارئ عبئا اقتصاديا على الدولة التي ستضطر بموجب المادة 93 من قانون الدفاع نفسه الى دفع تعويضات للعسكريين في الخدمة (والاحتياطيين اذا استدعى الامر استدعاءهم) والمدنيين في وزارة الدفاع.

هذا ناهيك عن عدم ضمان حصول المواطنين اللبنانيين، وقد بات أكثر من 50 % منهم تحت خطّ الفقر حسب الخبراء، على حاجتهم من الغذاء والدخل والسكن والحماية الاجتماعية.

اذا، اي تفكير باعلان حالة طوارئ من دون البحث في كلّ ما سبق ومن دون استغلال المواد السابقة في صالح الشعب اللبناني بالطريقة الصحيحة، قد يكون له مفعول عكسي. ومن الضرورة الاضاءة على هذه الامور.

نعم للتعبئة العامة صحيّا واجتماعيا وحتى امنيا بمواجهة "كورونا"، ولكن هل نحتمل فعلا اعلان حالة طوارئ بما يعنيه قانونا من دون ضمان لحماية الأكثر ضعفا بيننا؟

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني