خامة القادة
خامة القادة

خاص - Saturday, March 14, 2020 3:06:00 PM

الإعلامي د. كريستيان أوسّي

كأنه لم يكن يكفي اللبنانيين همّ اقتصادهم المتداعي ومالهم المتبخّر ووطنهم المنهار، حتى صاروا، كما الكثير سواهم، أسرى وباءٍ أصابهم، وحمّل بعضهم السلطة مسؤولية كبرى في ذلك، بسبب تأخرٍ أو تقاعس أو بسبب ارتباط...

كأن كل ذلك لم يكن كافيًا أيضاً، فعاشوا ليل الخميس - الجمعة واحدة من أسوأ الليالي التي شعروا فيها بغضب الطبيعة وباتوا تحت وطأة عصف هواء "عاصفة التنين" ساعات عصيبة حملت الى الكثير منهم خوفاً مما قد يحدث.

كأنما صرنا مرصودين للمصائب:

فجأة تغيرت أحوال اللبنانيين وأوضاعهم،

فجأة شعروا انهم محرومون من كل شيء،

فجأة صاروا مهددين بالخطر الصحي ،

وعرفوا ، لكن ليس فجأة، كم ان دولتهم بعيدة عن ابسط متطلبات و معاني هذه الكلمة...

عاينوا بالبرهان كم كانوا يعيشون بلا منظومة متكاملة تحميهم وتصونهم وتؤطّر لهم مجتمعاً يشبه المجتمعات التي فيها دول.

أدركوا انهم كانوا يعيشون بالجهد الذاتي، فكلّ ما كان يُفترض بالسلطة ان تؤمنه و توفّره كان مباحاً للأزلام والخلّان والمحاسيب، وكلّه كان عرضة للسرقة و المصلحة والاستفادة الذاتية.

واجهوا حقيقة ان السلطة أفقرت وطناً على حساب جيوب خاصة، و أسهمت في لعبة المال للكسب الفردي، وغضّت الطّرْف عن الجباية لمصالح مناطقية وحزبية، وحرصت على عدم توفير الكهرباء لضمان استمرار التدفق الربحي و..و..و...

عرف اللبنانيون اخيراً انهم عاشوا في كنف كذبة عن رخائهم وتقدّمهم ورقيّهم. عرفوا انّ وضعهم مزرٍ وانّ بلدهم مفلس، وأنهم غير قادرين على سداد ديونهم وانهم صاروا أمام الحاجة الملحة لسياسة تقشف حقيقية وسياسة إصلاح حقيقية و سياسة وقف مزاريب الهدر حقيقية.

ربما من حسنات هذه المرحلة ان اللبنانيين سمعوا، وللمرة الأولى من حكومة، منذ ثلاثين سنة، حقيقة ما هم فيه وعليه، بعد كلام كثير معسول عن وضع الليرة ووضع المصارف والقدرة الاقتصادية.

وهي، للحقيقة، المرّة الأولى التي تصارح فيها حكومة لبنانية شعبها بالحقيقة، بعد كثير من سنوات ابرياء والتقاسم والتنافس والتحاصص...

قد تكون هناك حاجة ملحة للتوافق ودعم خطة النهوض الاقتصادي التي وضع معاييرها وفد صندوق النقد الدولي، والتي اذا أخذت بما هو مطلوب، قد تكون خشبة الخلاص الأخيرة لنا لنسلك الطريق الصعب للخروج من نفق الأزمة الذي دخلناه، فكل الدول الصديقة والشقيقة غير قادرة على تقديم ومدّ يد العون المادي للبنان، والعالم يئن من ازمةٍ اقتصادية خانقة: دول الخليج تعاني أيضاً، الولايات المتحدة وضعت شروطًا ليس تجاوزها بالامر الهيّن...

من هنا أهمية التوافق على الخطة ولو تضمنت بعض التدابير والإجراءات الموجعة... الا ان المؤشرات لا تحمل الكثير من التشجيع، فبعض الوزراء المح الى توافر معلومات موثوق فيها عن مسعى حقيقي يقوم به بعض الأطراف الداخليين مع دول ومسؤولين في الخارج أو مع سفرائهم في الداخل لعرقلة حركة الحكومة و عدم تسهيل عملها.

هو أمر،اذا صحّ ، فإنّه معيب:

لبناننا ينهار ويجب ان نكون كلنا معاً لمنع انهياره...

هكذا، هكذا فقط تظهر خامة القادة!

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني