قُتل بجّاني في الكحّالة أمام منزله في سيارته. وقتل سليم في الجنوب في سيارته أيضاً. في الكحّالة كانت الجريمة مصوّرة. المنفّذان ظهرا في الفيديو وأطلق أحدهما النار على بجّاني وانتحى جانباً يتفرّج عليه غير آبه بكشف أمره في ذلك الصباح وتحت ضوء الشمس بينما أدخل الثاني رأسه إلى السيارة ليأخذ هاتف جوزف أو أشياء أخرى. بينما عملية اغتيال سليم لم تكن مصوّرة وحصلت في الليل ولكنّه قتل أيضا في سيارته.
في اغتيال بجّاني كانت السيارة متوقفة أمام المنزل وبقيت في مكانها ولم يحتج الأمر إلى خطفه ونقله إلى مكان آخر لقتله وترك جثته. ولم يحتج الأمر إلى وقت طويل لاكتشاف ما حصل. خلال دقائق كان انتشر الخبر.
...وسيارته
في قضية سليم تم خطف الرجل من أمام المنزل الذي كان فيه في نيحا في الجنوب ووجدت جثّته في سيارته على طريق فرعي في العدوسية جنوب صيدا. لم يتمّ تحديد الوقت الدقيق لإطلاق النار عليه ولا كشف ما حصل معه بين الخطف وبين القتل وما إذا كان تعرّض للتعذيب أو للتحقيق وهل كانت أوراقه وأغراضه الشخصية أو محفوظات أخرى لديه مفقودة ؟ ولم يعرف عدد الأشخاص الذين اشتركوا في تنفيذ الجريمة.
في اغتيال بجاني استخدم القتلة مسدساً مجهزاً بكاتم للصوت. وفي قضية سليم أيضا استخدموا مسدساً ولكن لن يعرف ما إذا كان مزوداً بكاتم للصوت. تنفيذ الجريمة داخل الحي السكني في الكحّالة قد يكون استدعى مثل هذا الأمر بينما ربّما لم يكن كاتم الصوت ضرورياً في قضية سليم لأنّها حصلت ربما في مكان بعيد ومن غير المهم مثلاً سماع أصوات الطلقات النارية التي ستضيع في الهواء طالما أن لا مجال يسمح بالتحقّق من الأمر إذا كانت عملية إطلاق النار حصلت في مكان معزول.
قُتل بجاني بإطلاق أكثر من رصاصة على رأسه وجسده لم تترك له أي أمل بالنجاة. وقُتل سليم بإطلاق أربع رصاصات، أو خمس،على رأسه ورصاصة على صدره بحيث لم تترك له أي أمل بالنجاة أيضاً. قُتل بجاني وهو جالس خلف مقود سيارته وربما قتل سليم وهو جالس وراء مقود سيارته أيضاً. الفارق أنّه لم يعرف ما إذا كان الذين قتلوا سليم قد صعدوا معه في سيارته من نيحا في صور حتى العدوسية ثم قتلوه وتركوه وبالتالي كانوا مثل بجاني ينتظرونه قرب المنزل وخطفوه أم أنهم خطفوه بعيدا من ذلك المنزل بعدما تعقبوا سيارته على الطريق.
موقع جريمة بجاني
بعد قتل بجاني أخذ أحد المنفذين هاتفه. ولكنه لم يحتفظ به. قيل أولاً أنّه تمّ العثور عليه في بلدة القماطية التي غالبية سكانها من الطائفة الشيعية ثمّ تمّ تعديل الرواية فقيل إنّه تم العثور عليه في الكحالة بعيداً نحو 300 متر أو أكثر بقليل من مكان اغتياله. في قضية سليم تمّ العثور أيضاً على هاتفه بعيداً عن المنزل الذي كان فيه بنحو 300 متر. لماذا يأخذ المنفّذون الهاتف ولماذا يرمونه؟ في قضية بجاني بقيت السيارة والجثة في مكانهما. في قضية سليم كان يمكن لبقاء الهاتف شغّالاً في السيارة خلال عملية الخطف والنقل أن يحدّد الأماكن التي عبرتها إذا كان موصولا على خدمة تحديد المكان التي تغني عن وجود جهاز تحديد المكان في السيارة والذي لم تكن السيارة التي يستخدمها سليم مجهّزة به.
في قضية بجّاني لم يكن الرجل معروفاً سياسياً ولا كان معارضاً علناً لأي جهة سياسية ولا كان ناشطاً على مواقع التواصل الإجتماعي. على عكس سليم الذي كان يجاهر بمواقفه المنتقدة لـ"حزب الله" وللنظام السوري وكان ناشطاً جدا على المستويات السياسية والإعلامية. كان يوجد أكثر من سبب ربّما للتخلص من سليم ولكن لم يعرف بوجود أي سبب مباشر للتخلّص من بجّاني.
بجّاني كان قبل اغتياله في زيارة جنوبية إلى بلدة إبل السقي لشراء زيت الزينون ولكن لم يتم انتظاره هناك وخطفه وقتله على عكس ما حصل مع سليم.
بعد مقتل بجّاني قيل أن قتله له علاقة بقيامه بتصوير انفجار مرفأ بيروت ذلك أنّه كان يعمل قبلها مصوّراً خاصاً لمصلحة المؤسسة العسكرية وقيل أيضا إنه كان له دور ما في كشف داتا اتصالات من خلال عمله في شركة "ألفا" ولكن البيان الذي صدر عن عائلته نفى الأمرين وأوضح أنه لم يصوّر في المرفأ وأن عمله في شركة "ألفا" كان في القسم التجاري. سليم أيضا تمّ ربط اغتياله، بالنسبة إلى التوقيت، بكشفه معلومات اتّهم فيها حزب الله والنظام السوري باستقدام نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وبمسؤوليتهما عن الإنفجار الكبير المدمّر الذي حصل في 4 آب. يتمّ الربط بهذه الطريقة ليقال أن هذا السبب هو الذي قد يكون عجّل في قرار اغتياله ذلك أنّه كان معلناً بقوة معارضته للحزب وكان يقيم في الغبيري في الضاحية وإذا كان الحزب يريد قتله فكان يمكنه أن يقتله في أي وقت وفي الضاحية وبطريقة لا تترك أي شبهة حوله. ولكن في قضية بجاني لم تتوقّف الأمور عند نفي العائلة. فبعد بيان النفي تم تسريب فيديو مصوّر في المستودع الذي ادعى العدو الإسرائيلي أنّه مستودع ومصنع صواريخ ذكية لـ"حزب الله" وقد قيل أن هذا الفيديو صوره بجّاني وهو يظهر ألواح حديد مقطعة على شكل صواريخ ويظهر أكياساً موضوعة على الأرض مغطاة بأغطية لحجبها ولكنّها لم تكن محجوبة تماماً، وقيل إنّ هذه الأكياس كانت تحتوي نيترات الأمونيوم الذي يمكن أن يستخدم وقوداً للصواريخ. ولكن هذه التسريبات بقيت من دون إثبات ولم يعرف ما إذا ما كان التحقيق قد تطرّق إليها بعدما تمّ تسريب معطيات تقول إنّ جهات أصولية قد تكون نفّذت عملية قتل بجّاني كي توتِّر الوضع الأمني وتفجّره. في قضية سليم قيل أيضاً أن طابوراً خامساً قد يكون استغلّ التوتر الداخلي وقتله من أجل توجيه التهمة إلى "حزب الله".
لقمان سليم
في قضية بجّاني حضرت القوى الأمنية والأدلّة الجنائية والصليب الأحمر وتمّ مسح مسرح في ظلّ فوضى ومن دون الأخذ بالإعتبار أن هذا المسرح يجب أن تتمّ صيانته ومنع الوصول إليه ومنع مسح الأدلة والعبث بها. وفي المسرحين كانت توجيهات القضاء للأجهزة الأمنية بمتابعة التحقيق والإفادة عن أيّ معطيات جديدة.
هل هذه الأمور تعني أن القاتل واحد؟ أم هي مجرد مصادفات على التحقيق الجدي أن يكتشفها. وبالتالي يجوز هنا السؤال عمّا إذا كان التحقيق يربط بين الجرائم التي تحصل أم يعتبر أن كل جريمة مستقلة بذاتها؟ هل هناك قاتل متسلسل ينطبق عليه ما قاله وزير الداخلية بعد مقتل بجاني عن أن الجريمة منظمة والجهة التي نفذتها منظّمة وأنّه تم التوصل إلى جملة معطيات يتمّ تحليلها.
جو بجاني
قبل مقتل بجاني وسليم قُتل في بلدة المية ومية في 22 آذار 2020 الرقيب المتقاعد في قوى الأمن الداخلي أنطون الحايك بعدما أطلق عليه مجهول أو أكثر النار من مسدس مجهّز بكاتم للصوت وإصابته بنحو تسع رصاصات في رأسه وجسده. مقتل الحايك تزامن مع إطلاق عامر الفاخوري بقرار من المحكمة العسكرية وإخراجه من لبنان. ربما أيضاً يجوز السؤال عن مطابقة بصمة الرصاصات والمسدسات المستعملة في هذه الجرائم.