كريم حسامي
دخلَت الولايات المُتّحدة حقبة جديدة ستكون مختلفة تماماً عن كُلّ ما سبقها، خصوصاً أنها أصبحت في نفق مظلم وطويل لن يتمكن رئيس مثل بايدن من إخراجها منه.
وأسّس بايدن فريقاً فريداً من نوعه لمواجهة التحدّيات، ويتكوّن للمرة الأولى في الحياة السياسية الأميركية، من الأقليات بشكل يوحي وكأنّ انقلاباً سياسياً أبيض حصلَ.
حكم الأقليات
فعهد ما بعد بايدن يختلف كلياً عن ما قبله، حيث كان الحكم في البلاد للبيض المسيحيين البروتيستانت (anglosaxon)، في وقت أنّ الرئيس الحالي غيّر هذا المفهوم رأساً على عقب ليصبح حكم الأقليات وكأنه انقلاب على النخبة الحاكمة على الشكل التالي:
- جو بايدن على رأس الهرم والرجل الأول في أميركا ينتمي إلى الأقلية الكاثوليكية وهو ثاني رئيس كاثوليكي في تاريخ البلاد يقود السلطة التنفيذية بعد الرئيس جون كينيدي.
- كامالا هاريس وهي المسؤولة الثانية كنائبة الرئيس ورئيسة مجلس الشيوخ من البشرة السوداء أفريقية-هندية تنتمي إلى أقلية عرقية. وأصبحت السلطة التشريعية بمجلسيها النواب والشيوخ تحت قيادة إمرأتين من الأقلية نظراً إلى انتماء رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى الأقلية الكاثوليكية.
- زوح هاريس من الأقلية اليهودية تزوجها منذ ستّة سنوات فقط أي 2014، وهي بدورها تزوّجت للمرة الأولى في حياتها ما يؤشّر إلى أنّه تمّ الاعداد لكل هذه السيناريوهات، حيث ترتفع حظوظها الرئاسية، خصوصاً إذا حصل أي مكروه صحي لبايدن الذي يعاني من أوضاع صحية متدهورة، وفق بعض المراقبين.
- عندما ننتقل إلى الوزراء المختارين مثل وزير الدفاع، رابع أهم منصب في الدولة، لويد أوستن من جذور أفريقيةو أول رجل من ذوي البشرة السمراء يتولى قيادة "البنتاغون" ووزير الخارجية أونتوني بلينكن من الأقلية اليهودية ومن أصل روسي، اي أنه بعيد عن العرق anglo saxon التي تُمثله النخبة الحاكمة.
أما وزير الداخلية أليخاندرو مايوركاس، فهو لاتيني من أصول إسبانية وفق إسمه وأيضاً بعيداً عن عرق النخبة الحاكمة، إضافة إلى سفيرة الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، أفريقية من البشرة السوداء ومساعدة وزير الصحة راشيل ليفين أول مسؤولة فيدرالية متحوّلة جنسياً ضمن الأقلية الجنسية، فضلاً عن وزير النقل بيت بوتجيج المثلي الجنس.
إحداث توازن
ويقع الخيار على هذه الأسماء بشكل متعمّد لإظهار أنّ أميركا مُتعدّدة الثقافات بعكس إدارة ترامب التي كانت ترى أن البلد يحكمه البيض، والدليل ما قاله كبير مستشاري ترامب، ستيفين ميللر، مهاجماً سياسة بايدن المتعلقة بالهجرة، قائلا: "ليس واضحا كيف يمكن أن تخدم سياسة الرئيس الجديد الأميركيين عبر فتح السفر من مناطق الإرهاب الساخنة، أو اقتراح عفو أو وقف إقامة الحواجز الأمنية على طول الحدود الجنوبية الغربية".
لذلك، فترة حكم البيض البروتيستانت انتهت وبدأ حكم الأقليات في بلاد "العمّ سام"، ويمكن أن يؤدي هذا إلى التشاكس والتشابك في ما بينها.
فالاستنتاج هو أن بايدن يريد أن يحدث توازن عبر تعيين مسؤولين من الأقلية لخلق توازن مع اكثرية الـ75 مليون الذي يمثلها ترامب، والمؤشر الأبرز تخطيط الرئيس الحالي لإعطاء 11 مليون مهاجر يعيشون في البلد الجنسية الأميركية، والسؤال: لماذا يريد مشاركة هذا العدد الكبير من المهاجرين في الانتخابات المقبلة؟
ترامب كان يُعبر عن صورة أميركا الصادقة-الوقحة في سياستها الداخلية وخصوصاً الخارجية وكيفية التعاطي مع الدول والشعوب، فيما يعبّر بايدن بصدق عن أصول الولايات المتحدة والعودة الى جذورها المستندة الى المهاجرين من أوروبا قبل أن تتأسّس البلاد عام 1776.