صحيح أن الدنيا لم تكن يوما منصفة مع كل الناس، والأصح أن الفرح لا يكتمل يوما ودموع الحزن لا بدّ أن تذرف من العيون البريئة... صحيح أن النضال لطالما كان شعارنا كشعب لبناني وأن الكفاح للعيش كان دائما قدرنا المحتم...
لم يمرّ يوم لم نضحك فيه بوجه مصائبنا المهولة رغم التعب، ربما بنجنا الألم بكثرته وربما كثرة التعب علمتنا الضحك في وجه المشاكل لأننا أصبحنا على يقين أنها لن تنتهي...
كل ذلك الواقع كان مقبولا كان محمولا... كان صعبا لكنه كان يمضي... لكن اليوم كل شيء تغيّر!
الصور الأكثر انتشارا على مواقع التواصل أصبحت أوراق الرثاء والنعاوي... أصبحنا نبدأ يومنا وننهيه بالجملة نفسها: "ببالغ الحزن والأسى ننعي لكم الفقيد (ة)...".
هذه الأخبار المدمّرة لم تعد ضمن المقبول ولا ضمن الاطار الطبيعي لإنسانيتنا... ولم تعد لأدمغتنا القدرة على استيعاب جملة "المأسوف على شبابه... عروسة السماء... الراحل الغالي..."، ألم تنته المجزرة الانسانية بعد؟ ألم نكتف ألما وحزنا وفراقا؟
لم تنفع معكم القوة ولا الهجوم ولا الترهيب ولا التخويف... فهل نبدأ بسياسة التوسّل؟ لعلّ توسّل الأرواح وتسوّل الشفقة يبقيكم في منازلكم!
في الحقيقة أوراق المآتم اليومية موجعة لدرجة أنه لن تفرق معنا بعد الآن على عاتق من تقع المسؤولية في ما آلت اليه الأمور... على دولة استهترت بشعبها فشرعت في وجهه الحدود والمرافق الحيوية والمطاعم والملاهي في ليالي الاكتظاظ ثم قالت له انتبه فالموت قريب؟ هي نفسها الدولة التي خبّأت آلات الأوكسيجين عن مرضى قطعت أنفاسهم وغادرونا الى دنيا الحق بعد أن بكوا على أبواب مستشفيات رفضت استقبالهم!
أم نلوم شعبا لم يفهم بعد أن دولته لا فرق لديها ان عاش أم مات؟ هذا الشعب الذي استهتر بصحته وصحة أحبائه لأنه لا يستطيع منع نفسه من الاحتفال والكيف؟
أو كان حري بنا أن نلوم بعض المستشفيات التي فضلت موت الناس على خسارة الأموال؟ أم تجار الأوكسيجين الذين يبيعونك النفس بالعملة الصعبة وان كنت لا تملكها فلينقطع نفسك وعلى الدنيا السلام!
ألم نتعب بعد من وداعات الأحباب؟ هل أصبحت حياة والدتك ووالدك سهلة الخسارة عليه هكذا؟ وهل تعلم أن الندم لم يعيدهم أبدا مهما حاولت؟ الاصابة بالوباء القذر ليست خطيئة لكن الاستهتار الذي يؤدي الى الاصابة هو الخطيئة العظمى بحد ذاتها...
شبعنا واكتفينا من عبارة "لن ننساك أبدا"... تذكّره واحمه في حياته حتى لا تضطر لوداعه ووعده بعدم نسيانه... أشفق عليه في حياته قبل أن يسبقك الموت اليه!
استيقظوا لأن شبح الموت ينتظركم على عتبة منازلكم، حتى لا تخسرهم أبق بابك مغلقا!
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا