وسام أبو حرفوش وليندا عازار
في واشنطن والعالم حبْسُ أنفاسٍ مع انطلاق أسبوع تنصيب جو بايدن، وفي بيروت تَرَقُّب لـ «نَصيب» البلاد من ثبات أو تبدُّل استراتيجية الإدارة الأميركية الجديدة ومنسوبِ التحولات في مقاربتها قضايا المنطقة وفي مقدّمها الملف الإيراني، وهو ما لن يكون ممكناً تَلَمُّسه قبل أشهر سيكون معها لبنان، الفاقد الحدّ الأدنى من مقومات الدولة المكتملة النصاب، أمام أعتى المخاطر المالية والسياسية والصحية التي بات معها أقرب إلى مفهوم «الدول من ورق».
هذا التوصيف كان حاضراً أمس في بيروت على وقع تَطايُر شظايا انفجار عدّاد كورونا الذي لامس الجمعة 6200 إصابة (و44 وفاة) فيما تفيض لوائح الانتظار لتأمين سرير في غرف العناية المركزة التي بلغت نسبة إشغالها نحو 91 في المئة في كل المناطق و100 في المئة في العاصمة، فيما المستشفيات الخاصة الكبرى تَمْضي في «نداءاتِ استغاثةٍ» لتوفير المستلزمات الطبية والعلاجية وبعض الأدوية الحيوية نتيجة الآليات المعقّدة لتأمين استيرادها في ظل الأزمة المالية وشبه نضوب السيولة بالدولار لدى مصرف لبنان الذي يدير بقايا الاحتياط الإلزامي القابل للاستخدام بما يضمن الإبقاء على شريان الاستيراد بانتظار الخروج من المأزق السياسي الذي يختزله ملف تأليف الحكومة الذي دخل جولة تعقيدات هي الأقسى مع رفْع فريق رئيس الجمهورية ميشال عون ما يشبه «البطاقة الحمراء» الضمنية بوجه تكليف الرئيس سعد الحريري.
وإذ كان لبنان ينجح ولو متأخراً في إنجاز «بوليصة التأمين» القانونية (عبر البرلمان) التي تطلبها الشركات لتصدير لقاحاتها على قاعدة رفْع المسؤولية عنها بإزاء أي عوارض جانبية لهذه اللقاحات المحكومة بـ «الاستخدام الطارئ» بما سيتيح وصول لقاح «فايزر» بحلول منتصف فبراير ليستفيد منه كدفعة أولى نحو 750 ألف مواطن، لم يتأخّر هذا الملف في التشابُك مع المناخ السياسي المشحون بعدما لم يكن ممكناً الجزم إذا كانت التسريبات، التي لم تتأكد صحتها، عن أن الحريري الذي يزور دولة الإمارات تمكّن من نيل موافقة أولية تسمح للبنان بالحصول على نحو مليون جرعة من اللقاح الصيني، خلال أسابيع، مجاناً، هي في إطار محاولة إحراجه في جولته الخارجية التي كانت حَمَلَتْه إلى تركيا ومرشّحة لمحطات عربية وربما خليجية أخرى.
وفي رأي أوساط، أن تحرك الحريري هو بمثابة تأكيد للغطاء الخارجي لتكليفه في موازاة سعي فريق عون لـ «قطْع ورقة» له شبيهة بالـ one way ticket الذي أخرجه من الحكم في 2011، مع فارق أن «حزب الله» حتى الساعة لا يغطّي مثل هذا المسار وإن كان يستفيد من تعليق تأليف الحكومة على الحبال المشدودة في المنطقة التي يُراد لبايدن السير عليها في طريقه للتفاوض مع طهران.
وإذ اعتبرت الأوساط أن انكسار الجّرة بين عون والحريري يمكن أن يفتح الواقع اللبناني على سيناريو المراوحة في الحلقة المقفلة وسط معادلةٍ يسعى فريق رئيس الجمهورية لفرْضها على الرئيس المكلف لدفْعه إلى الاعتذار عن المضي في التكليف، فإنها عبّرت عن قلق بالغ مما ينتظر البلاد التي باتت تعيش على «أجهزة التنفس الاصطناعي» فيما ترتسم ملامح تَراجُع الاهتمام الدولي بلبنان في ضوء «اليأس» من طبقته السياسية.
ورغم أن الملف اللبناني كان حاضراً أمس في لقاء وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأردني أيمن الصفدي من بوابة «التدخلات الإيرانية في المنطقة»، فإن بعض الدوائر استوقفها توقيت قرار نقْل المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش من لبنان الى ليبيا، هو الذي واكب عن كثب مرحلة الانهيار المالي في «بلاد الأرز» وطبع مسيرته بخلعه القفازات في مخاطبته المسؤولين والتي غالباً ما جاءت على طريقة التقريع رداً على ترْك البلاد فريسة الأزمات المتناسلة ولا سيما بعد الانفجار الهيروشيمي في مرفأ بيروت في 4 أغسطس الماضي.
وفي موازاة الأحمر الطاغي على لوحة المؤشرات المالية والصحية والسياسية، وعلى وقع الرسائل المتعددة التي حملها بث قناة «المنار» حلقة بعنوان «اللقاء الأخير» بين الأمين العام لـ«حزب الله» وقائد «فيلق القدس» قبل اغتياله، وقال فيها السيد حسن نصرالله، ان قاسم سليماني خلال زيارته لبيروت ولقاء قادة حزبه أجرى اتصالاً بأبو مهدي المهندس قبل مغادرته لبنان وطلب منه عدم ملاقاته في مطار بغداد، يسود الترقب كيفية التعاطي مع المستجد الذي شكّله كشف معلومات جديدة عن شحنة نيترات الأمونيوم (نحو 2700 طن) التي حملتْها باخرة «روسوس» إلى مرفأ بيروت قبل نحو 7 أعوام وخُزنت حتى انفجار ما بقي منها في 4 أغسطس، وسط تحقيقات دخلت حقل ألغام السياسة والتعقيدات الطائفية والدستورية، وينتظرها العالم بوصْف فكّ لغز «بيروتشيما» شرطاً متلازماً مع الإصلاحات للإفراج عن أي دعم مالي للبنان.