أظهر علماء أن البشر جميعا يستخدمون أشكالا مختلفة من تعبيرات الوجه نفسها في سياقات اجتماعية مماثلة، ما يدعم نظرية تشارلز داروين في التعبير عن المشاعر بأنها عالمية.
ويؤكد البحث البارز الجديد الذي أجرته جامعة كاليفورنيا، على عالمية التعبير العاطفي البشري عبر الحدود الجغرافية والثقافية. وقال البروفيسور داشر كيلتنر، عالم النفس بجامعة كاليفورنيا في بيركلي والمعد المشارك للدراسة: "تكشف هذه الدراسة عن مدى تشابه الأشخاص بشكل ملحوظ في زوايا مختلفة من العالم، في كيفية التعبير عن المشاعر في مواجهة أكثر السياقات أهمية في حياتنا".
واستخدم الباحثون في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، وغوغل، تقنية الذكاء الاصطناعي للتعلم الآلي (AI) المعروفة باسم "الشبكة العصبية العميقة".
وأتاح ذلك تحليل تعابير الوجه في زهاء 6 ملايين من مقاطع الفيديو، حُمّلت على "يوتيوب" من 144 دولة.
وقال الدكتور آلان كوين، الباحث في كل من جامعة كاليفورنيا في بيركلي وغوغل، الذي ساعد في تطوير خوارزمية الذكاء الاصطناعي: "هذا هو أول تحليل عالمي لكيفية استخدام تعبيرات الوجه في الحياة اليومية، ويظهر لنا أن التعبيرات العاطفية البشرية العالمية كثيرة جدا. أغنى وأكثر تعقيدا مما افترضه العديد من العلماء سابقا".
وأنشأ الدكتور كوين خريطة تفاعلية لتوضيح كيفية تتبع الخوارزمية للاختلافات في تعبيرات الوجه المرتبطة عادة بـ 16 عاطفة.
وتشمل تطبيقات تقنية الذكاء الاصطناعي المتطورة، مساعدة الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في قراءة المشاعر، مثل الأطفال والمصابين بالتوحد، للتعرف على الوجوه التي يصنعها البشر عادة للتعبير عن مشاعر معينة.
ويحتوي وجه الإنسان النموذجي على 43 عضلة مختلفة، يمكن تنشيطها لخلق آلاف التعبيرات المختلفة.
واستُخدمت خوارزمية التعلم الآلي للدكتور كوين لأول مرة لتتبع تعابير الوجه المعروضة في ستة ملايين مقطع فيديو. وتراوحت هذه بين المتفرجين على الألعاب النارية والرقص أو مواساة طفل منزعج.
واستخدموا الخوارزمية لتتبع أمثلة من 16 تعبيرا للوجه ترتبط بشكل شائع بالعواطف التالية: التسلية والغضب والرعب والتركيز والارتباك والازدراء والرضا والرغبة وخيبة الأمل والشك، والغبطة والاهتمام والألم والحزن والمفاجأة والانتصار.
ثم قاموا بمراجعة تعابير الوجه مع السياقات والسيناريوهات التي أجريت عبر مناطق مختلفة من العالم.
وأدى ذلك إلى اكتشاف أوجه تشابه لا تصدق في كيفية استخدام الأشخاص عبر الحدود الجغرافية والثقافية لتعبيرات الوجه في سياقات اجتماعية مختلفة.
وقال الدكتور كوين: "وجدنا أن الفروق الدقيقة في سلوك الوجه - بما في ذلك التعبيرات الدقيقة التي نربطها بالرهبة والألم والانتصار و13 شعورا آخر - تُستخدم في مواقف اجتماعية مماثلة حول العالم".
وكشفت لقطات "يوتيوب" أن الناس في جميع أنحاء العالم يميلون إلى التحديق في رهبة معينة أثناء عروض الألعاب النارية، وعرض الرضا في حفلات الزفاف، وتثبيط حواجبهم في التركيز عند أداء فنون الدفاع عن النفس.
كما يظهرون شكوكهم في الاحتجاجات، والألم عند التمرين، والانتصار في حضور الحفلات ومباريات كرة القدم.
وكشفت النتائج أن الأشخاص من ثقافات مختلفة يشاركون ما يقرب من 70% من تعابير الوجه المستخدمة استجابة لمواقف اجتماعية وعاطفية مختلفة.
وقال البروفيسور كيلتنر: "هذا يدعم نظرية داروين القائلة بأن التعبير عن المشاعر في وجوهنا أمر عالمي بين البشر. قد يحدد العرض المادي لمشاعرنا من نحن كنوع، ويعزز مهارات الاتصال والتعاون لدينا ويضمن بقائنا".