الحرة
أنتوني بلينكن، دبلوماسي أميركي سابق، عاد اسمه إلى الواجهة مؤخرا، إذ رشحه الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، لمنصب وزير الخارجية في إدارته المقبلة.
وشغل بلينكن (58 عاما) منصب مساعد مستشار الأمن القومي للرئيس السابق، باراك أوباما، وشغل بعدها منصب المساعد الأول لوزير الخارجية الأميركي، جون كيري.
بلينكن يتحدث الفرنسية بطلاقة وهو محاور لبق، ومن مؤيدي أوروبا، ونظام العمل متعدد الأطراف على الصعيد الدولي.
وتعيين بلينكن الذي سيتطلب موافقة مجلس الشيوخ، قد يساهم في طمأنة حلفاء الولايات المتحدة الذين تعرضوا للتهميش، وفق وكالة فرانس برس.
فمن هو، بلينكن؟ ولماذا يعول عليه لإعادة تشكيل نهج العمل "متعدد الأطراف" لسياسة الولايات المتحدة الخارجية؟ وما دوره في الأزمات السياسية خلال المناصب التي تولاها سابق؟
نشأته
ولد بلينكن في عائلة يهودية الديانة في أبريل من عام 1962 في مدينة نيويورك، حيث عاش ودرس في مدرسة دالتون، حتى عام 1971، لينتقل بعدها إلى باريس مع والدته جوديث بلينكن والتي تزوجت هناك للمرة الثانية من المحامي صمويل بيزار، وهو أحد الناجين من المحرقة.
ودرس في معهد خاص اللغتين الفرنسية والإنكليزية حيث حصل على شهادة البكالوريا عام 1979.
درس في جامعة هارفرد، وحصل بعدها على درجة الدكتوراة في القانون من مدرسة الحقوق في كولومبيا في 1988، حيث امتهن المحاماة.
وفي التسعينات شغل عدة مناصب رفيعة المستوى في إدارة الرئيس الأميركي، بيل كلينتون، وجورج بوش الابن.
وفي 2002 عمل في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، واستمر فيها حتى 2008، وبعد ذلك كان ضمن الفريق الانتقالي للرئيس، باراك أوباما، ونائبه بايدن في وقتها.
وعمل بلينكن بعدها كمستشار لنائب الرئيس بايدن، في مجال السياسة الخارجية، وكان المسؤول الثاني في وزارة الخارجية الأميركية في عهد أوباما.
ووفق صحيفة الغارديان، اعتاد بلينكن لعب مباراة كرة قدم أسبوعية مع مسؤولين ودبلوماسيين وصحفيين.
ومن هواياته العزف على الغيتار، ولديه اغنيتان على تطبيق سبوتيفاي.
سياسة خارجية قائمة على تعدد الأطراف
وبلينكن من أشد المؤيدين للتعددية، وسيخلف في هذا المنصب، في حال تعيينه، وزير الخارجية الحالي، مايك بومبيو، المؤيد لـ"حملة الضغوط القصوى" على إيران ولسياسة لا هوادة فيها تجاه الصين.
وتشير وسائل إعلام أميركية، إلى أن هذا الأمر كان أحد أسباب اختياره من قبل بايدن ليكون وزير للخارجية في إدارته، والذي يريد أن يعيد العلاقات والروابط مع الحلفاء التقليديين.
إدارة الأزمات
وكان بلينكن أحد المسؤولين الحاضرين في غرفة إدارة الأزمات التي تابع منها الرئيس أوباما العملية العسكرية التي قتل فيها أسامة بن لادن.
ووفق تقرير صحيفة نيويورك تايمز نشرته في 2014، فإن بلينكن هو أحد مهندسي الاستراتيجية الأميركية ضد تنظيم داعش، وهو أحد الفاعلين الأساسيين الذين رسموا خطوط المفاوضات مع إيران حول ملفها النووي.
في عام 2017، أشار بلينكن إلى أن التقارب السعودي-الأميركي، حيث كان ترامب يدعم فكرة ظهور تحالف ناتو عربي لمواجهة داعش، ربما سيعود بالضرر على الولايات المتحدة، خاصة في ظل عدم وجود توافق خليجي، وتوتر العلاقات بين هذه الدول مع قطر.
وحذر في تصريحات لشبكة "سي إن إن" وقتها من جر الولايات المتحدة إلى خلافات السعودية مع إيران، والتي ستجعل أميركا أمام خيارات صعبة تتعلق بالانقسام السني الشيعي، وهو "ليس المكان الذي يجب أن تكون واشنطن فيه أبدا".
ويتعارض بلينكن مع سياسة ترامب في التعامل مع الملف النووي الإيراني، وانتقد مسألة الحديث عن الانسحاب في 2017، إذ أشار إلى أن هذا سيجعل طهران تبعد واشنطن عن الحلفاء الأوروبيين.
وتوقع أن الرئيس الأميركي الذي سيأتي بعد ترامب سيواجه تحديات عديدة لإعادة توحيد المجتمع الدولي في مواجهة الملف النووي الإيراني.
ويعتبر بلينكن أن التحالفات مع الدول لا يعني التغاضي عن ممارستها التي تتعلق بحقوق الإنسان والحريات، حيث كانت آخر تصريحاته والمتعلقة بالتوتر الحاصل بين الهند والصين في يوليو الماضي، وأشار إلى أنه في حال هزم بايدن ترامب، فسيسعى "لتعزيز وتعميق" العلاقة مع الهند، ولكن في الوقت نفسه أبدى قلقه فيما يتعلق بالحريات هناك.
وأضاف خلال حديثه في معهد هادسون أنه "يمكن دائما إجراء حوار أفضل مع شريك، ومهم مثل الهند، عندما نتحدث بشكل صريح ومباشر عن قضايا نختلف حولها".
وبلينكن أحد المنتقدين لسياسات الرئيس الأميركي الحالي، دونالد ترامب، حيث كان قد علق على القمة التي عقدت بين ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم، في 2018، وقال على تويتر في حينها "لماذا يصدق كيم. وعود الرئيس ترامب حين يمزق بصورة اعتباطية اتفاقات يلتزم بها الطرف الآخر؟".
وفي 2015، انتقد بلينكن بورما ودعاها إلى منح "المواطنة" إلى أقلية الروهينغا من أجل وضع حد لهجرتهم بحرا، والتي تسببت في أزمة أدت إلى احتجاز الآلاف منهم في البحر.
قالوا عنه
ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية، كتب على تويتر أن بلينكن سيكون وزير خارجية قويا للولايات المتحدة.
وإلى جانب خبرته الواسعة في السياسة الخارجية فهو "على علاقة جيدة بالرئيس ما سيتيح له إيصال الحقيقة للسلطة".
مستشارة الأمن القومي في إدارة أوباما، سوزان رايس، كانت قد قالت عن مساعدها بلينكن في 2014، إنه يعرف كيف "يصوغ توافقا في الآراء حول مجموعة واسعة من الملفات الحساسة".