النقيب السابق لمحامي الشمال، الوزير السابق رشيد درباس
لن تنتهي الرواية اللبنانية بإسدال الستارة، فالعرض سيبقى مستمرًّا من سيّئ إلى أسوأ، ومن قبيحٍ إلى أقبح... حتى تنهارَ خشبة المسرح تحت أقدام الثقلاء..
عبثًا يغيِّرون الممثلين، ببدلاء فاقعين فاشلين، فلقد أثبت الاختصاصيون المزعومون خلوَّهم من دسم المسؤولية واستقلالية التفكير، وأنهم ليسوا سوى ظل باهت لأصل باهت. كما فشلت وزيرات الجنس الناعم الأنيقات الفصيحات، المسمّيات من قبل أصحاب الأخلاق الخشنة، في إضفاء لمسة حنان واحدة، على وحشية الأداء. عبثاً يحاولون إعادة إنتاج النصوص السقيمة، أو ترجمة كوميديا "موليير" ودراما "راسين" أو استيراد مخطوطة جديدة، كتبت خصيصًا في قصر "الإليزيه" من أجل لبنان وعلى نيّته، لأن هؤلاء الشخوص لا يرَوْن بعيدات الأمور كما هي، فهم لا يعرفون المتنبي ولا يؤدون سوى الأدوار التي كتبها لهم ابن المقفع ودو لافونتين، فتراهم ينطقون خُواراً لا حواراً وفق ما يهمس به الملقّن، ولا يتحرّكون إلا كما تأمر به الخيوط الخفيّة التي تمسك بهم وترتهن الوطن من خلالهم.
لا أظن السيد ماكرون قد بذل كبيرَ جهدٍ في كتابة ورقته. بل أغلب الظن أنه لمَّ حروفها من ألسنة من اختلط بهم من المفجوعين في مار مخايل، بعدما عانقهم بصورة متهوّرة مناقضة لواجب الحيطةِ من العدوى، وأصاخَ إليهم بأذن واعية مجربة، ومد إليهم وصالاً حارًّا نافعاً فكان البيان الوزاري العتيد الخالي من التعقيد، النازلُ عليهم في وقت لا يحتمل دوام الخلاف على الثلاثية المقدسة، فالخزينة خوت حتى باتت عاجزة عن تلبية المشارع الكهربائية المتلبِّسَة، والعدل يترنَّح بين الملائك والأبالسة، والعلاقات الخارجية تحوجُها الحصافة والكياسة ومراعاة المصالح الوطنية دون سواها، كما أن محاربة الوباء لا تجدي فيها القرارات الجوفاء.
لقد دبّج ماكرون الحل البسيط للمشكل المعقّد، مستندًا على ذكاء جدّه نابوليون الذي كسر البيضة ليقعدها على الطاولة، فيما ساستنا يكسرون بيضات الأجيال بالمفاقسة العقيمة في فصحٍ منحول، لإنهم لم يُفيقوا من خدر خميس السكارى، ولم تظهر لهم من بعده جُمُعَةٌ ولا سبتٌ، ولا أحدٌ يُقرعُ فيه ناقوس الوعي.
يحزن عينا أصدقاؤنا، لأننا نحرق الأسماء المحترمة، ونعرقل تشكيل الحكومة بحجج الغبن والإحباط، وبنفض الغبار عن الحلف الرباعي، الذي لم تبرأ فئة سياسية من غباره مداولة ومداورة، وبتطويب بعض الوزارات على اسم بعض الطوائف، خشية الغدر كما يزعمون، ويحزنون علينا أكثر لأننا لا ندرك أن الإسراع في تشكيل الحكومة يكاد يكون الفرصة الاخيرة لغريق زحمت المياه المالحة خياشيمه وسدت عليه آخر الأنفاس.
يقول السيد المسيح: إني أريد رحمة لا ذبيحة، لأن الرحمة تبذل من النفس دون مقابل، أما الذبيحة فإنفاق مما تملك اليد، أملًا بتحقيق رغباتٍ في النفس...
إنفجرت بيروت، وعطش الطفل فشرب زجاجتين من البحر حتى مات وانتشر الوباء كالهواء وسُلبت الوديعة بالخديعة، وانكشفت أسرار ما قال بيديا الفيلسوف لدبشليم الملك، وتحوّلت رموز دو لافوتين إلى مسوخ سياسية، وما زال الممثلون يمثلون..
إحترق المسرح من أركانه
ولم يمُت.. بعد.. الممثلون
قال نزار قباني.