عيد الحب: كيف تغيّرت لغة العشق بين الماضي والحاضر؟
عيد الحب: كيف تغيّرت لغة العشق بين الماضي والحاضر؟

خاص - Friday, February 14, 2025 2:28:00 PM

د. سارة ضاهر – رئيسة مجمع اللغة العربية في لبنان

في كل عام، يحمل عيد الحب معه دفئًا خاصًا ومشاعر متأجّجة، لكنه أيضًا يثير تساؤلًا مثيرًا: هل تغيّرت طريقة تعبيرنا عن الحب عبر الزمن؟ هل لا يزال العشّاق يكتبون القصائد الطويلة كما فعل قيس بن الملوّح، أم استبدلوها برموز القلوب والرسائل النصيّة السريعة؟
في هذا اليوم الذي يحتفل فيه العالم بالمشاعر النبيلة، دعونا نستكشف كيف انتقلت لغة الحبّ في العربية من البلاغة العميقة والمجاز الساحر إلى البساطة والعفوية في العصر الحديث.

قديمًا: عندما كان الحبّ قصيدةً تنبض بالخيال

إذا تخيّلنا عاشقًا عربيًا قبل مئات السنين وهو يعبّر عن مشاعره، فلن نجده يكتب رسالة قصيرة يقول فيها: “أحبك بجنون”، بل كان سيملأ صفحاتٍ من الشعر يصف فيها عيني محبوبته بأنها “سُهام تُصيب القلب”، أو وجهها بأنه “بدر يضيء الليالي”.
في العصر الجاهلي والإسلامي، كان الحبّ يأخذ طابعًا ملحميًا، حيث لا يُفصح العاشق عن مشاعره مباشرة، بل يحيطها بهالة من الغموض والاستعارات، كما قال قيس بن الملوّح في واحدة من أشهر قصائده:

“أمُرُّ على الدِّيارِ دِيارِ لَيْلى *أُقَبِّلُ ذا الجِدارَ وذا الجِدارا”

أما في العصر العباسي، فقد أصبح الحبّ أكثر جرأة، كما في أشعار أبي نواس، الذي كسر الكثير من القيود التقليدية، وتحدّث عن الحبّ بأسلوب أكثر مرحًا وواقعية.

الرسائل العاطفية: من الخطّ اليدوي إلى الدردشة الإلكترونية
في العصور القديمة، كانت الرسائل المكتوبة يدويًا هي الوسيلة الوحيدة للتواصل بين العشّاق. هل تعلم أن بعض الرسائل الغرامية في التاريخ العربي كُتبت بماء الورد؟!

لكن اليوم، استُبدِلت الورقة بالحروف الإلكترونية، وباتت العبارات مختصرة وسريعة. إذا أراد شخص ما في العصر الحديث أن يعبّر عن شوقه، فربما يرسل رمزًا تعبيريًا  بدلًا من أن يكتب بيتًا من الشعر!

حديثًا: الحب في عصر السرعة والتكنولوجيا

مع تطوّر وسائل التواصل الاجتماعي، لم تعد لغة الحبّ بحاجة إلى مقدمات طويلة. باتت العبارات مباشرة وسريعة مثل: “أنت عالمي”، “لا شيء أجمل منك”، وأحيانًا قد تكفي صورة أو مقطع فيديو قصير للتعبير عن المشاعر.

حتى الأغاني الرومانسية تغيّرت! إذا قارنا أغاني عبد الحليم حافظ التي حملت شعرًا رقيقًا مثل: “جانا الهوى بعد طول غياب”، بأغاني اليوم التي تحمل كلمات مباشرة مثل “بحبّك موت”، سنلاحظ الفرق في لغة الحبّ بين الأجيال.

أيّهما أصدق: العشق الكلاسيكي أم الرومانسيّة الحديثة؟

هناك من يحنّ إلى الحبّ القديم، حيث الكلمات كانت تحمل وزنًا أدبيًا وعاطفيًا عميقًا، وهناك من يرى أن الحبّ اليوم أكثر واقعية وأقرب إلى القلب.
لكن في النهاية، يبقى الحبّ هو الحبّ، مهما تغيّرت لغته. سواءً كنت تفضّل كتابة رسالة طويلة مليئة بالمجاز، أم تكتفي بإرسال “أحبك” على واتساب، فالأهم أن تكون المشاعر صادقة.

ختامًا: كيف تعبّر عن حبك في هذا العيد؟

في عيد الحب، لا يهم كيف تعبّر عن مشاعرك، المهم أن تُشعر من تحبّ بقيمته لديك. خذ من الماضي جماله، ومن الحاضر سهولته، واصنع لغتك الخاصة في الحب!
عيد حب سعيد! 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني