النقيب السابق لمحامي الشمال الوزير السابق رشيد درباس
كان لا بد من طنَّيْن من الديناميت الحاقد لإلغاء عيد الحب من القاموس اللبناني.
فهناك من يرى أننا أتينا إلى الحياة لنشقى، علماً أن الله خاطب نبيَّه قائلاً: "طه.. ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى."
الإرهاب ظاهرة كافرة بحد ذاتها، لأن الحياة رحلة قصيرة لا تقاس بأيامها والسنوات بل بلحظات الفرح والخير، ولكن الفكر الإرهابي يرى أن شطب الناس من قيد التنفس، فيه قربى إلى الله.
كان رفيق الحريري خلاصة توافق توصّل إليه المجتمع الدولي والعربي لوضع حد للحرب الأهلية التي استنفدت أغراضها، بعدما استدرجت القضية الفلسطينة إلى لبنان، ليسهل ضربها وتتمّ تصفيتها، لم تعد الحرب في لبنان مجدية، فانتهز المخلصون الفرصة ليجدوا حلاً يعيد هذا الوطن الجميل إلى رونقه ودوره التنويري والحضاري، فكان اتفاق الطائف وكان رفيق الحريري فارسه الذي أخذ التضيمنات السياسة والمالية العربية والدولية، والتشجيع السوري حيث كان الجيش السوري منتشراً على الجغرافيا السياسية.
أقام الحريري توازناً دقيقاً بين المصالح المتضاربة وعوّل على تأهيل لبنان لاستقبال تسوية في الشرق الأوسط كانت على نار حامية وقتها، وكان حريصاً على المصالح العربية وعلى مقاومة الشعب اللبناني للاحتلال الاسرائيلي، بل كان وزير خارجية العرب بحق لما يتمتع به من صداقات دولية.
ولكنه ما كاد يخرج الجمهورية من حالة قيد الدرس الى حالة الدولة الفعلية حتى ضُبط بالجرم المشهود أي جرم محبة لبنان ومحبة العروبة، وأنه ذهب إلى أبعد ما يجوز له، فأنقلب الموقف السوري إلى ضده، وقعت التسوية تحت سنابل الطمع الاسرائيلي والصلف الأميركي والتناحر العربي، فانفجر به الطنان في عيد الحب، وما زالت تتوالى الانفجارات الارتدادية تستهدف قبره بالدرجة الأولى وتحمّله مسؤولية الدين العام، علماً أنه غادر الدنيا والحكم بعد أن ترك لنا بنى أساسية استنفدت أقل من ربع الدين الحالي..
هذه هي حال الفشلة الذي ينقضّون على كل انجاز ويحجبون عن أي انجاز.
استعمتُ في الرابع عشر من شباط الجاري لخطاب الرئيس سعد الحريري فوجدت فيه مهارة صياغة بدا معها وكأنه خبير ألغام، يمرّ عليها ولا يفجّرها بل يشير إلى أمكنة وجودها، ولاحظت أنه دخل إلى دائرة النقد الذاتي بتحفّظ من غير توغّل، كما لاحظت خصوصاَ اهتمام السفراء بما يقول لأنه كان يوجّه رسالته الى الداخل والخارج على السواء...اتصلتُ به وأبديت له ملاحظاتي، لا سيما تلك التي تشير إلى مغادرة لغة العتب المرير على الحلفاء الى كلام شبه تصالحي وكأنه يقول لهم، لقد وقعنا في الفخ فرادى، وآن لنا أن نخرج منه مجتمعين.