الإعلامي منير الحافي
لمتابعة الكاتب:
@mounirhafi
X, Facebook, Instagram
في كل بلاد العالم تقريباً، تلعب الدراجة النارية دوراً مهماً في عملية التنقل والنقل. الدراجة النارية هناك، يقودها الناس، وهم يعتمرون الخوذات التي تحميهم من الحوادث الممكنة الوقوع. للدراجات في البلدان المتحضرة، غير بلدنا، قوانين أخرى. تسير في طرق خاصة، يتم صيانتها بشكل دوري، تخضع لرسوم مالية تساهم في خزينة الدولة. وأهم ما في الأمر أن سائق الدراجة يلتزم بالطريق المخصصة له، فلا يخرج عن الخطوط المرسومة ولا يفعل المحرمات.
ما هي هذه المحرمات؟ انظر من سيارتك الآن لعلك تراها. أولاً، سائق الدراجة النارية لم يتعلم كيفية قيادة الدراجات! ومثله العديدون من سائقي السيارات أيضاً في لبنان. ثانياً، سائق الدراجة النارية لا يمتلك دفتر قيادة خاصاً بالدراجات، مثلَ العديد أيضاً من سائقي السيارات في لبنان! ثالثاً، قائد الدراجة النارية لا يضع الخوذة المطلوبة لحماية رأسه. فيا للعجب العجاب. رابعاً، القبضاي السائق، يسير في معظم الأحيان بعكس السير. فإذا أراد الوصول إلى هدفه المقصود فإنه يتوجه إليه بأقصر الطرق. عكس السير، مع السير، على رصيف المشاة. يعبر وسطية الطريق، يعربش على الأدراج، يتسلق الجدران بآليته العجائبية. كل هذا يحصل في لبنان. كم من قتيل ذهب بسبب حوادث سير الدراجات النارية مع السيارات. أو بسبب صدم دراجة نارية لمسن أو سيدة أو طفل في الشارع. كما نتيجة الاصطدامات ما بين الدراجات النارية أنفسها. واحد مع السير وآخر عكس السير.
ما يثير الحزن والغضب أكثر، أن معظم هؤلاء يتحججون بأن الدولة لا تحاسب. «ما في دولة». طيب إذا كان هناك نقص في عدد أعضاء شرطة السير بسبب الأوضاع الاقتصادية، فهل يساهم هؤلاء السائقون بالموت لأنفسهم ولغيرهم، ويمعنون في خرق قوانين السير. أخطر قيادة لهؤلاء تكون في الليل حيث يقودون آلياتهم عكس السير و«يعمون» سائقي السيارات المقابلة عبر أضواء دراجاتهم. يسير هؤلاء على الطرقات وكأنهم زعماء الطرقات. إذا التفتّ إليهم أو نظرت نحوهم، يقابلوك بنظرة غضب أو عدم اكتراث. فالطريق عكسَ السير هو طريقهم. واذهب «بلّط البحر»!
ما أقوله الآن، يعرفه معظم سائقي السيارات في لبنان، خصوصاً في المدن المكتظة مثل بيروت وطرابلس. سائقو السيارات يعانون من «إخوانهم» سائقي الدراجات النارية.
ما الحل لهذه المعضلة؟ برأيي الحل يتطلب تعاون الجميع، بمن فيهم المنتحرون على الطرقات.
على الدولة أولاً، أن تقوم بإخطار هؤلاء بأنها جادة في تطبيق قانون السير. وهذا ينطبق أيضاً على السيارات والشاحنات.
على الدولة، أن تضع شروطاً قاسية لشراء الدراجات النارية. ليس كل شخص يمكن له أن يقتني دراجة بسعر منخفض. على الدولة أن تفعّل أيضاً مراقبة صحة الآليات وقابلتيها للسير ومراقبة محركاتها، خصوصاً وأن العديد من سائقي الدراجات النارية يلغمون المحركات كي تصدر أصواتاً أعلى وأكثر إزعاجاً للناس.
على الدولة أن تسهّل عملية تسجيل السيارات لأن العديد ممن يقود دراجة نارية لجأ إلى ذلك بسبب وقف نشاط تسجيل السيارات.
في المقلب الآخر، على سائقي الدراجات النارية أن يخافوا الله. أن يحترموا الناس على الطرقات ويحترموا قوانين السير حتى بعدم وجود شرطة سير. هذا الأمر يعتمد على إنسانيتنا ووطنيتنا وأخلاقنا. مهما طال الأمر، لا بد أن نعود لهذه القواعد جميعاً. ولنتذكر أن الموتوسيكلات وجدت لتسهيل تنقل الأفراد أو إيصال طعام وبضائع صغيرة الحجم، لا لتأليف عصابات تتنقل في الشوارع وتزعج الناس الآمنين في بيوتهم ومحلاتهم سواء بالأصوات أو بالزمامير أو بالتهديدات الممجوجة. أيُ مسيرة من هذا النوع، هي مهينة بحق فاعليها. الدولة تعلم – أو يمكن لها أن تعلم – أسماء أي خارج عن قانون المواطنة، أو عن قانون الحق العام والخاص. ينبغي على القوى الأمنية أن توقفه تمهيداً لمحاسبته ووضع حد لخرقه القوانين. هذا واحد من التوقعات التي ينتظرها الناس من الدولة، في عهد الرئيس جوزاف عون ومن حكومة الدكتور نواف سلام.